الاقتصاد يوحدنا.. والسياسة تمزقنا

0
1410

الدكتور عادل عبد المهديdownload

تحرك “الضباط الاحرار” و”جبهة الاتحاد الوطني” (الوطني الديمقراطي والاستقلال والديمقراطي الكردستاني والشيوعي والبعث) لاسقاط الملكية.. كان تموز انتصاراً للتيارات القومية.. وللفكر الاشتراكي على الليبرالي.. وللمعسكر الشرقي على الغربي.

وفي ظل الجمهورية سرعان ما تفجرت مجدداً الصراعات للاستيلاء على الدولة ومقدراتها.. وكلما سقط نظام اقيم نظام بدستور وعلم ونشيد وطني جديد.. فانحسر الاقتصاد والاجتماع لمصلحة السياسة والدولة.. فاطاح القوميون باليساريين والشيوعيين.. والناصريون بالبعثيين.. ثم انفرد “صدام” بالسلطة عبر سياسات عنصرية طائفية استبدادية.. وصولاً الى 2003 بعد سلسلة من الحروب الداخلية والخارجية.. دمرت البنى والاواصر.. واخضعت العراق للحصار والعقوبات.. لتجتاحه القوات الاجنبية ويوضع تحت الاحتلال.

في 2003 لم نشهد سحل وقتل كتموز وشباط قبل عقود.. كنا بحاجة لمرحلة تهدئة ومصالحة واعادة ترتيب الاولويات واستخلاص الدروس. كان التصور ان الاقتصاد والاجتماع سيشهدان انطلاقة حقيقية ويأخذان دورهما كقاعدة وبنية تحتية.. وهذا مبدأ الدستور والانتخابات واضعاً الدولة والسياسة في مكانها الطبيعي كبنية فوقية. لكن عوامل متشابكة، كسقوط القديم والفشل في بناء البديل، والاحتلال، وبقاء اولوية الصراع على السلطة، وبدء العمليات الارهابية.. وازدياد الفوضى وسياسات الشحن القومي والطائفي، جدد بل عمق سياقات الماضي السائرة نحو الاختناق والازمة والانقسام.

لم ننجح في اعادة موضعة السياسة والدولة في مكانهما الصحيح او بنائهما على اسس جديدة، ولم ننجح في ضخ الحيوية للمجتمع والشعب، مواطنين وجماعات، ليستعيد دوره الرائد والاساس.. فشهدنا المحاصصة وهي توزيع الغنائم من اعلى، بينما الشراكة، التي تحميها الدولة، هي انطلاق نشاطات الافراد والجماعات في القاعدة..

حيث تبنى الاصول والحقوق والمنافع التي تنتشر وتوحد، وتتكامل. فالتنافس في المجتمع امر خلاق، الصراع في الدولة، وعليها، امر قاتل.. فان لم تحقق الشراكة اسهمها ومعانيها الحقيقية في قاعدتها، فستعجز الدولة ان تكون محراب الشركاء السياسيين الاجتماعيين.. ليتحول الامر بمجمله الى صفقات ومصالح في القمم.. وتتوقف الدولة كميزان عدل لمركبات المجتمع وفعالياته، لتصبح بديلاً له، بعد احتكارها كل شيء.

فالاولوية اعادة الحيوية واللحمة للمجتمع.. عبر الانطلاق الاقتصادي الذي بطبيعته يسمح لجميع المكونات والشركاء بلعب الادوار واحتلال المواقع عبر المنافع والحقوق والقرارات القابلة للتوزيع في المجتمع.. بينما المحصورة بكراس قليلة في الدولة. فنضخ عوامل القوة والتواصل والوحدة في المجتمع.. ونعيد الحيوية والدور المتوازن والمنصف والموحد للدولة.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here