المرأة الكوردية الفيلية.. انموذج للكفاح والصبر

0
1173
هناء بيك مرادkourd
لقد ساهمت المرأة الكوردية, حالها حال المرأة من جميع الطيف المجتمعي العراقي بدور فعال, برفد البنية التكوينية للدولة العراقية باجيال من الكفاءآت ,العلمية, والمهنية, كأم اولاً, وكمربية  ومشاركة في حماية الاسرة, خاصة  بعد التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية اثر سقوط الاستعمار العثماني المتخلف  في الحرب العالمية الاولى ونشوء عالم جديد في المنطقة..   وبما يخص المرأة الكوردية الفيلية كونها  تعيش في المناطق الوسطى والجنوبية ومناطق اخرى من العراق  مع بقية فئات الشعب العراقي, كرست حياتها وجهودها متفانية في تنشأة جيل سليم وتكوين اسرة صالحة متحابة , مهيأة بذلك عناصر متربية ومتعلمة ومخلصة كان لها الاثر الواضح في المساهمة مع بقية القوميات المتآلفة في تشكيل بنية المجتمع العراقي .. وتحملت  حملاً مضاعفاً من ناحية اللغة , وهي تتعامل مع نظيراتها العراقيات في شؤونها الحياتية  العامة, ولكنها بذكاءها واصرارها تعلمت اللغة واتقنتها جيداً الى جانب احتفاضها بلغتها الاصلية (الكوردية) وشعورها القومي دون تعصب او تخندق مذهبي. وهكذا سارت الاجيال المتعاقبة ,واستطاعت بحسن توجيهها اغناء المحتمع العراقي بالكفاءات العلمية والمهنية  بالاضافة الى عناصر بارزة في مجالات اخرى عدة منها في مجال الرياضة والسياسة والفن وغيرها الكثير.وكانت للمرأة الفيلية اسهامات وتضحيات مشهودة في النضال السياسي في الخمسينات والستينات وتعرضت للتعذيب وفقدان رجالها واخوانها واولادها  في السجون  والاعدامات  ..
وامر ما مرت بها المرأة الفيلية في العراق من ويلات  كانت على يد نظام صدام المقبور ,واشد العذابات واقساها على حياتها كانت تلك التي جرت في العام 1980 حيث جردت هي وعائلتها من عراقيتها وبدون وجه حق, وليزيدو في مأساتها جردوها من اغلى واثمن شيء في حياتها ألا وهم فلذات كبدها وكذلك سلبوا منها كل ماتملك من مجوهرات واخذو منها الزوج والابن والاخ ليزجو بهم في السجون بلا ذنب اقترفوه , ومنهن من توفن في الحدود من فرط الاعياء والعطش والجوع او بانفجار الالغام تحت اقدامهن , واخريات فارقن الحياة في الغربة حسرة على اولادهن  في سجون المقبور صدام منذ عقود  ولم يتم العثور على اثر لهم حتى  اليوم  ..
وكنموذج على المئات من جرائم صدام بحق المكون الكوردي الفيلي في مآسي التهجير التي تمر في شهر نيسان القادم  36عام على ذكراها الاليمة, اعيد كتابة احداث بعض من تلك المحن والمعانات التي كنت قد وثقتها من قرب ومن ضحاياها الحقيقين ممن تعرضوا الى التهجير والتشتيت في دول العالم والتغييب الجماعي لشبابهم وشاباتهم من اعمار مختلفة ولم يظهر الى حد اليوم اي اثر لآلاف منهم رغم زوال الطاغية وتشكيل نظام جديد من احزاب وجهات اتخذت من دم ودموع ضحايا صدام سلماً للهيمنة على السلطة دون ان تحقق لهم امل التعرف على مصير شهداءهم او اعادة حقوقهم المسلوبة…  فمن ضحايا تلك الجرائم , ام احمد  زوجة الشهيد ( شهاب ) كانت سعيدة بطفلها الاول الذي لم يكن قد تجاوز اشهر قليلة من العمر حين اعتقلو زوجها بضروف غامضة  ثم رموها على الحدود الايرانية العراقية ,, ولكنها ابت على نفسها الا ان تحتفظ  بوفاءها لزوجها المغيب  في سجون صدام  حيث نذرت ان تربي ابنها احسن تربية على وعد وامل اللقاءبزوجها يوما ما واحمد الان عبر عمره الثلاثين من السنين ويترقب خبر العثور على رفاة والده الشهيد في المقابر الجماعية لشهدانا التي لم يعثر عليها الى اليوم بعد ان ضاع امله في لقاءه حياً…..
*** ساهرة كانت في عام التهجير ابنة العشرين وزوجها  طبيب اسمه محمود , ولهما بنتان اكبرهن كان عمرها سنتان ونصف و والاخرى في اشهرها الاولى , اخذو الطبيب محمود وسجنوه مع الشباب اثناء جرائم التهجير والى حد اليوم  لا اثر  في القبور الجماعية.. الزوجة الصابرة  عكفت على تربية بنتيها سمر وسروة واستطاعت بجهدها وجهادها وصبرها ان تصل بهن الى الجامعة في لندن وهن وردتان تفتحت  دون ان تعرفا عن ابيهن  غير ما تسرده عليهن الام من ذكريات حلوة عن الاب المفقود في سجون صدام  والى اليو في ظل النظام الجديد لا اثر له في المقابر الجماعية..
***ام رحمن .. كانت وكأنها ملاك في جسد امرأة عالية الخلق.. طيبة المعشر , تقدمها في السن اضاف عليها هالة من نور, اخذو ابنها جبار ورميت هي وبقية عائلتها على الحدود الايرانية . كانت تبكي وتصرخ وتقول ,,لماذا اخذوه مني ..فهو عزيز قلبي, لم يقترف اي ذنب ,, كان جبار ولدها شاباً خلوقاً ومحبوباً, ضلت امه تتحسر عليه حتى ماتت وفي انفاسها الاخيرة كانت تنادي,, اريد جبار ,, اريد جبار,, اريد ان اراه,,وكان هذا آخر ما لفتظتها كلام  وروحها يحمل هذا النداء الى باريها شاكية مثلها مثل الكثير من الامهات ..
***آمنة اسد ام لعدد كبير من الاولاد وابنة مصابة بشلل الاطفال وهي شقيقة اللاعبين الدوليين محمود وعبد الصمد اسد اللذين كانا خارج العراق يومذاك, والكاتب حسن اسد كان في خدمة الاحتياط في الجيش العراقي واللاعب الدكتور صاحب أسد كان يدرس في الاتحاد السوفيتي , اخروجها والشقيق  الاكبر محمد اسد وبناتهم واولادهم القاصرين وكذلك والدتها الكبيرة السن التي كانت بالصدفة تستحم , وهي  بثياب مبللة دون مراعاة انسانية واجبروهم على ركوب سيارة الامن دون ان يسمحو لهم بنقل اي حاجة او غرض من البيت حتى وثائقهم الثبوتية  والجوائز والمداليات والصور والرسائل والصحف التي كانت تحوي على التاريخ الرياضي للاعبين محمود اسد وصمداسد, هذا من جانب ومن الجانب الاخر تم اخذ ثلاثة من اولاد آمنة والابن البكر لشقيقها محمد,  وهم ولدها سمير يوسف دارا خان كان قد مضى عام واحد على  مكلفية خدمته العسكرية بعد اكماله الثانوية  وهو في العشرين من العمر.. نزار يوسف طالب مدرسة وعمره كان 16سنة, وشقيقهم كان اصغر طفل يحتز معهم لانه رفض ترك اشقاءه وكان عمره 14 سنة وطالب مدرسة, اما انور محمد اسد فكان عمره 15 سنة وهو طالب ايضاَ..وقد توفي والد هذا الاخير بالسكتة القلبية وتوفيت ام الشهداء والعمة آمنة اخيراً في السويد بعد ان يأست من رحمة وجحود رجالات الحكم الجديد في العراق دون استثناء احد منهم.. لقد صرخنا وس ايام معارضة صدام كثيراً بوج وهم الذين كانوا يستجدون العالم  بمعاناة ومحن هؤلاء ضحايا جرائم التهجير القسري اللهم احفظ وبارك لنا في شدة الورود وبراعم الخير هذه من اجل مستقبل زاهر وبناء ..ا
***ام حيدر فوزية صالح الامام.. التي رفضت باباء وشهامة المرأة العراقية المخلصة لزوجها وعائلتها وهي ابنة السيد صالح الامام مالك تكية الصدرية وعم السيد هاشم المختار القديم لمنطقة باب الشيخ  ان تبقى في العراق دون زوجها المرحوم ناصر سوزان الكوردي الفيلي واولادها في جريمة التهجير الكبرى الى ايران على يد المقبور صدام في العام 1980والتي سيمر على ذكراها في نيسان القادم 36 عام من الظيم والقهر والمعاناة التي ادت الى تشتيت شمل مئات الآلاف من المجتمع العراقي في محطات الغربة بالعالم, ودفنت الآلاف من خيرة شبانا وبناتنا في مقابر جماعية لم نعثر عليها الى اليوم .. ان عيون وقلوب هذه الضحايا وصبرها الطويل بحاجة الى جهود حثيثة  من كل مدافع عن حقوقهم المشروعة من المنظمات والجمعيات والشخصيات الفيلية  بالتعاون مع المنظمات المهتمة بحقوق الانسان من اجل الضغط على الحكومة العراقية لتنفيذ القرار القاضي اعتبار جرائم التهجير بحق الكورد الفيليين ابادة جماعية…

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here