الطباعة ثلاثية الأبعاد.. ثورة الحاضر والغد

0
1321
مروة الاسدي
باتت الطباعة ثلاثية الأبعاد تشكل ثورة تكنولوجية جديدة تدخل في معظم المجالات الصناعية الخدمية والطبية، إذ تعمل عن طريق بناء الأجسام الصلبة طبقة بعد طبقة، يتم استنساخ الجسم، وتصميمه على برامج نموذجية في الحاسوب، ولذلك فقد باتت ثورة الحاضر والغد.
فمنذ بضعة أعوام خلت، أُثيرت ضجة إعلامية مكثفة حول الطباعة ثلاثية الأبعاد بوصفها تطورا مرتقبا في مجال التصنيع. فكثير من الخبراء كانوا يعتقدون أننا كنّا سنُصنّع الأدوات والدُمى في المنازل، معلنين أن كل شيء، من السيارات إلى الطائرات وحتى الأدوات الطبية ستُصنّع بسهولة وبكلفة منخفضة.
وعلى الرغم من أن طباعة الكثير من المواد التي تنبأوا بها كانت ممكنة من الناحية النظرية، إلا أن الطباعة ثلاثية الأبعاد لم تصل بعد إلى مستوى توقعات البعض، لكن يرى كثير من خبراء التصنيع هذا الأمر مقبولًا، قائلين إننا سنشهد في القريب العاجل طفرة في الطباعة ثلاثية الأبعاد، ولعلّ أحد أسباب ذلك هو تزايد إقبال المهندسين والمصممين والتقنيين والباحثين على تعلّم “التصنيع التجميعيّ”، وهو اسم مرادف للطباعة الثلاثية الأبعاد، في المدارس حول العالم.
وفي الوقت نفسه، بدأت صناعات أكثر فأكثر تستحدث استخدامات للطباعة ثلاثية الأبعاد، بدءًا من صناعة قطع غيار السيارات إلى تصنيع الأدوات، وتصنع الطباعة ثلاثية الأبعاد المنتجات عن طريق وضع طبقات من المادة حتى يتكون المجسم ثلاثي الأبعاد. واستخدمت شركات السيارات وشركات الطيران الطباعة ثلاثية الأبعاد في انتاج نماذج بالإضافة إلى انتاج أدوات متخصصة وأجزاء للاستخدام النهائي، فقد أطلق فريق من المهندسين من جامعة ساوثهامبتون البريطانية طائرة بلا طيار صنعت بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد من سطح سفينة حربية ملكية لاستشكاف الاستخدام المحتمل لهذا النوع من المركبات الجوية في البحر.
وفي مجال الرعاية الصحية استعان الباحثون بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بالفعل في المجال الطبي لتخليق عدد من أجزاء الجسم منها على سبيل المثال الاسنان وعظام الفك والفخذ والأجهزة السمعية وغيرها، وبالاستعانة بتقنية الطباعة الثلاثية تم تخليق وتركيب يد صناعية “خارقة” لطفل أمريكي من كنتاكي عمره ست سنوات بعد أن ولد بعاهة خلقية وراثية نادرة عبارة عن يد يمنى مشوهة، كما تسمح الطباعة الثلاثية الابعاد للشركات بانتاج عقاقير حسب مواصفات المريض بدلا من فرض صورة معينة من العقار. وبالاستعانة بهذه التقنية الحديثة ينتج العقار بهذه التقنية وهي أحد أشكال ما يعرف باسم (تكنولوجيا التصنيع بالاضافة) حيث يتم تكوين جسم ثلاثي الأبعاد بوضع طبقات رقيقة متتالية من مادة ما فوق بعضها بعضا ما يتيح القدرة على طباعة أجزاء متداخلة معقدة التركيب كما يمكن صناعة أجزاء من مواد متباينة وبمواصفات ميكانيكية وفيزيائية مختلفة. واستحدث علماء بريطانيون استخداما جديدا للطباعة ثلاثية الأبعاد لانتاج نماذج طبق الأصل من الأجزاء المصابة بمرض السرطان في الجسم مما يسمح للأطباء باستهداف الأورام الخبيثة بدقة أكثر، وتستخدم تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بالفعل في المجال الطبي لتخليق عدد من أجزاء الجسم منها على سبيل المثال الفك وعظام الفخذ والأجهزة السمعية وغيرها.
الى ذلك تسعى وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” لإرسال طابعة ثلاثية الأبعاد إلى طاقم الرواد المكون من ستة أفراد على متن محطة الفضاء الدولية الشهر المقبل، وستستخدم هذه الطابعة في تصنيع قطع غيار وإجراء تجارب، واختبر طاقم المحطة بالفعل نموذجا أوليا للطابعة، وهي أداة التصنيع الأولى على الإطلاق في الفضاء.
ويتوقع خبراء الصناعة التكنولوجية ستستخدم يومًا ما الطباعة ثلاثية الأبعاد في جلّ الصناعات، لكن حتى وقتنا هذا يمثل مجال صناعة الفضاء أحد أكبر متسخدميها، وعن مستقبل تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد يرى هؤلاء الخبراء انه لا تتوقف الصناعة عند ما تم إنجازه في المجالات المذكورة فقط بل هناك أيضاً العديد من الطابعات التي يجري تطويرها في مجال العمارة و يتوقع في المستقبل استخدامات أوسع للطباعة بإستخدام المعادن أو الزجاج في مجالات الصناعات العسكرية والمدنية والمعمارية بأنواعها بل و حتى في طباعة الوجبات الغذائية بحسب طلب الزبون دون تدخل بشري!، هي ثورة صناعية بلا شك و لازال مستقبل هذه الصناعة يحمل الكثير من المفاجآت.
ثورة وشيكة في سوق الوظائف
في سياق متصل أفاد تقرير لمؤسسة “وانتد أناليتكس”، وهي مؤسسة تعمل في مجال برامج الكمبيوتر وتجميع بيانات عن اتجاهات التوظيف، أن عدد إعلانات الوظائف التي يُشترط فيها الإلمام بمهارات الصناعة التجميعية زاد بمعدل 1.834 في المئة، في الفترة ما بين 2010 و2014، كما ذكرت المؤسسة أن الموظفين ذوي الخبرة في الطباعة ثلاثية الأبعاد الذين يشتد الطلب عليهم هم المهندسون في مجالي الصناعة والميكانيكا، ومطورو البرامج، والمصممون التجاريون والصناعيون، ومديرو التسويق، ويرجع السبب الرئيسي في تزايد الطلب الوظيفي إلى أن الاهتمام بالطباعة ثلاثية الأبعاد يتصاعد بمعدل غير مسبوق، وإن كنا لا نطبع تُحفنا الصغيرة في المنزل.
وبحسب تقديرات شركة “ستاتيستا”، وهي شركة تُعنى بجمع التقارير البحثية، سيحقق سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد، بما فيه مواد الطباعة والخدمات ذات الصلة، مبيعات تصل إلى 16.2 مليار دولار سنة 2019، بعدما حقق 3.8 مليار دولار سنة 2014.
في حين قدرت مؤسسة “غارتنر ريسيرش”، وهي مؤسسة بحثية عالمية في مجال تقنية المعلومات، أن مبيعات الطابعات التي يقل سعرها عن 1000 دولار أمريكي، وهي محرك مهم للسوق، ستمثل 28.1 في المئة من المبيعات بحلول عام 2018، بعد أن كانت تمثل 11.6 في المئة، من المبيعات سنة 2014.
وعلى الرغم من محصلة تقرير “وانتد أناليتكس”، فإن نيما ميربوريان، مدير فرع شركة “روبرت هاف تكنولوجي” في تورنتو، وهي شركة متخصصة في التوظيف في مجال تقنية المعلومات، لم ير بعد الكثير من إعلانات الوظائف التي تتطلب مهارات التقنية ثلاثية الأبعاد، ولكنه يتوقع أن يتغير هذا الوضع قريبًا، قائلًا “بدأنا نسمع عن تذمُر البعض من تزايد التوظيف في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد”، وعلى الرغم من أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تعد “أحد مجالات الخبرة المتخصصة” على حد تعبير ميربوريان، إلا أن كل من يهتم بهذا المجال يمكنه أن يجد لنفسه وظيفه فيه؛ فالفرص متوفرة للناس من جلّ المجالات.
فقبل كل شيء، ليست الطباعة ثلاثية الأبعاد تطبيقًا صناعيًا بقدر ما هي درب من دروب التكنولوجيا، وهذا يعني أن المطورين، ومطوري الشفرات، والمبرمجين وغيرهم من العاملين في المجالات ذات الصلة بالتكنولوجيا مطلوبون أيضًا من أجل إنشاء البرنامج المطلوب لتشغيل آلات الطباعة ثلاثية الأبعاد وتطويره.
وقال تود غريم، عضو في المجلس الاستشاري لهيئة الطباعة ثلاثية الأبعاد، يجب أن تتوافر أيضًا فرص عمل للمبدعين، كالمصممين والفنانين، الذين سيسهمون في صُنع المنتجات التي تطبعها هذه الطابعات. كما أن المزيد من العمالة اليدوية ستكون مطلوبة من أجل تشغيل الطابعات ومعالجة الأجزاء والنماذج المبدئية.
وقال بيتي باسيليير، نائب رئيس خدمات الطباعة والتصوير لدى شركة غارتنر للأبحاث، إن ثمة فرص أيضًا في مجالي البحث والتطوير، حيث يعكف العلماء والأكاديميون على تطوير نظريات جديدة عن كيفية استخدام المواد ذات الصلة بالتصنيع التجميعي وتصنيعها.
ومع نمو هذه الصناعة، من المتوقع أن يتزايد الطلب بكثرة على كل من يتمتع ببعض الخبرة الفنية في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، “فالخبرة تفوق ماعداها في الأهمية”، على حد تعبير ميربوريان. وهذا يمثل أحد مواضع الخلل في السوق، ومن أجل ذلك فإن هذه المهارات تعد ذات صلة كبيرة، ولا سيما في مجالي التطوير والتصميم”.
ثمة أساب عديدة تجعل باسيليير وغيره يقتنعون بأن الطباعة ثلاثية الأبعاد توشك أن تحقق النجاح المأمول، من بينها ما تعلمه حديثو التخرج من مهارات التصنيع التجميعي في الجامعة والتي سيطبقونها في أولى الوظائف التي سيحصلون عليها.
فضلًا عن أن القطاع العسكري، الذي يتطلع إلى استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في كل شيء، بدءًا من الطعام- من خلال عبوات مملؤة بالعناصر التي توفر وجبات بحسب الطلب – إلى الأسلحة، يُعلم المجندين فيه كيفية استخدام هذه التكنولوجيا.
كما أن الأسعار لازالت تنخفض، فعلى مدار السنوات الثمان الماضية، هبطت أسعار الطابعات آلاف الدولارات. وقال غريم إن الطابعة ثلاثية الأبعاد الصغيرة التي توضع على سطح المكتب كانت تكلفتها منذ ثمان سنوات 20 ألف دولار أمريكي، أما الآن فوصل سعرها إلى 400 دولار أمريكي، وسيستمر سعرها في الانخفاض، ومن ناحية أخرى بدأت الشركات تتوصل إلى كيفية إدراج الطباعة ثلاثية الأبعاد لتصبح جزءًا من أعمالها.
وقال غريم إن للطباعة ثلاثية الأبعاد ثلاثة استخدامات رئيسية، أولها تصنيع المنتجات الأولية والنماذج للتأكّد من خلو تصميم المُجسّم من العيوب قبل تصنيعه، وتلك هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الصناعة منذ سنوات، على حدّ قوله، وستظل المحرك الأساسي للنمو.
وقد شهدت التكنولوجيا تطورًا كافيًا لإنتاج نحو 500 منتج أو ما يقرب من ذلك على المدى القصير، مما يتيح للشركات اختبار السلع في السوق.
وقال غريم، كما يُستعان بها في المصانع لتصنيع الأدوات، مثل البراغي (المسامير اللولبية)، وأدوات التثبيت والموّجهات، التي تستخدم بعدئذ في تصنيع منتجات أخرى، وأخيرًا، من المتوقع أن ينتشر استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في المزيد من الشركات لتصنيع السلع مكتملة الصُنع، أو على الأقل أجزاء السلع مكتملة الصُنع. وأحد مزايا هذه التكنولوجيا هي أنها ستُمكن الشركات من تصنيع أجزاء أكثر تعقيدًا بمراحل من الأجزاء التي تُصنعّها أنظمة التصنيع التقليدية، فضلًا عن أنها أقل سمكًا وأكثر استدارة ومرونة، كما قال غريم.
فقد صنعت شركة جنرال إلكتريك، على سبيل المثال، أجزاء محرك نفاث، مثل منافث الوقود وأنظمة التوربينات، من مكونات مطبوعة عن طريق الطابعات الثلاثية الأبعاد. كما تمكنت وكالة ناسا من تصنيع غرفة احتراق لصواريخها مصنوعة من مواد أنتجت من خلال عملية التصنيع التجميعي، كما يسير نمو التصنيع التجميعي بخطى متسارعة في مجال العناية الصحية، حيث يُستعان بهذه التكنولوجيا لإنتاج العظام والأنسجة المزروعة والأعضاء وحتى القلب، وعلى الرغم من أن الطباعة تطورت تطورًا كبيرًا في أوروبا وأمريكا الشمالية، إلا أن غريم يتوقع أن تتصدر الصين هذا السوق كلاعب رئيسي. يقول غريم: “تتخذ هذه الدولة مكانًا في السوق استعدادًا للتغيير المرتقب في عالم الصناعة”.
تركيب يد خارقة
بالاستعانة بتقنية الطباعة الثلاثية تم تخليق وتركيب يد صناعية “خارقة” لطفل أمريكي من كنتاكي عمره ست سنوات بعد أن ولد بعاهة خلقية وراثية نادرة عبارة عن يد يمنى مشوهة، كان الطفل لوكاس ابراهام يتوق لتركيب يد يمنى صناعية منذ كان في الثانية من عمره باليد الصناعية الجديدة التي ابتكرها طلبة الهندسة الحيوية في لويزفيل وقال الطفل إنها أفضل هدية عيد ميلاد في حياته، وأضاف في مؤتمر صحفي بالجامعة “إنها أفضل من أي هدية تلقيتها من قبل”، وقالت جينا بيرتوتشي استاذة الهندسة الحيوية بجامعة لويزفيل إن هذه اليد هي الأولى التي ينتجها المعهد لطفل ومن المنتظر إنتاج المزيد منها فيما وصفت الجامعة اليد بانها “خارقة”، وقالت إن هذه التقنية قللت بقدر كبير من تكلفة التصنيع كما ان اللدائن المستخدمة مشابهة لتلك المستخدمة في صناعة لعب الاطفال مثل الليجو ما يسمح بانتاجها بمختلف الألوان، وأضافت ان الاطفال يحبونها ويستحسنون الاستعراض بها.
وتلقى طلبة الجامعة تمويلا من جماعة عالمية تطوعية تعمل في مجال تخليق الاطراف الصناعية بتقنية الطباعة المجسمة. وتتكون اليد من اللدائن والجلد والاسلاك، وفور تركيب اليد الصناعية تمكن الطفل من الامساك بكرة وتوجه للمدرسة وصافح زملاءه وتمكن من العزف على بعض الآلات الموسيقية، وقالت جدته إنه اكتسب قدرا أكبر من الثقة في نفسه بعد تركيب اليد التي كان قد طلب من الجامعة تصنيعها في اغسطس آب الماضي، وفي مجال الرعاية الصحية يستخدم أطباء الأسنان الطابعات ثلاثية الأبعاد لعمل نماذج من الفكين والأسنان بالإضافة إلى بعض أنسجة الأسنان التي يتم زراعتها.
أول جراحة لتركيب رجل صناعية
تجرى في ماساتشوسيتس عملية جراحية لدجاجة عرجاء لتركيب رجل صناعية لها تتكلف 2500 دولار تم تصنيعها بالكامل بالاستعانة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، وقالت اندريا مارتن من مزرعة (بلاك ثيسل) صاحبة الدجاجة المسماة (سيسيلي) الاثنين إن هذه أول جراحة من نوعها لتركيب رجل صناعية لدجاجة.
ولدت الدجاجة (سيسيلي) -وعمرها الآن ثلاثة أشهر- بعيب خلقي وتمزق في وتر الرجل اليمنى ما يعرقل من حركتها الطبيعية وعندما توجهت بها مارتن الى كلية كومنجز للطب البيطري بجامعة تافتس لفحصها الاسبوع الماضي كان أمامها خياران لا ثالث لهما: إما تركيب رجل صناعية واما القتل الرحيم، وقالت مارتن في اتصال هاتفي “لم أفكر كثيرا فمن حقها ان تعيش حياة طبيعية”، وتتخصص مزرعة مارتن -التي تقع بمنطقة كلينتون على بعد 72 كيلومترا الى الغرب من بوسطن- في اعادة تأهيل الدجاج وهذه ليس المرة الاولى التي تلجأ فيها المزرعة الى اجراء العمليات الجراحية فقد أجريت لدجاحة عملية جراحية لاستئصال الرحم العام الماضي بتكلفة ثلاثة آلاف دولار. بحسب رويترز.
وقالت مارتن “في كل مرة تجري فيها عملية جراحة لطائر نخوض مخاطرة. لكنني متفائلة واعتقد ان ذلك سيكون مدعاة لسعادتها”، وخلال الجراحة التي تجري غدا تقوم الطبيبة البيطرية ايمي كنافو ببتر الرجل اليمنى ثم يجري تصوير الساق اليسرى بالأشعة المقطعية من أجل تصنيع رجل صناعية بالاستعانة بتقنية الطباعة الثلاثية الابعاد ثم تعاد الدجاجة الى مزرعتها للراحة اسبوعين قبل اعادتها الى جامعة تافتس لتركيب الرجل الصناعية، وقالت كنافو إن جراحات مماثلة أجريت لكائنات اخرى لكنها المرة الأولى التي تجري فيها مثل هذه الجراحة لدجاجة، وقالت مارتن إنه بعد ان تتعافي (سيسيلي) تتعشم ان تضع كتابا للاطفال عن هذه التجربة، وقالت مارتن “يجب ان تروي الدجاجة قصتها”.
تسهيل العمليات الجراحية لطفل
استخدم أطباء في بريطانيا قصبة هوائية من إنتاج طابعة ثلاثية الأبعاد للتدريب على إجراء عملية جراحية دقيقة لطفلة في السادسة من العمر، وتعاني الطفلة كاتي بارك مرضا رئويا تتراكم فيه رواسب حُبيبية داخل الحويصلات الهوائية المجهرية في الرئتين، وهو ما يؤدي إلى صعوبة التنفس، والأسلوب الوحيد للتخلص من الرواسب هو غسل الرئتين بانتظام باستخدام الماء المالح.
وأثناء العملية، ينبغي الحفاظ على تهوية إحدى الرئتين فيما يجري تنظيف الأخرى، وعادة، يهدر الجراحون الوقت أثناء العملية لتجربة تركيبات مختلفة من أنابيب متباينة الحجم من أجل القيام بالجراحة الدقيقة.
واستخدم الأطباء أشعة مقطعية للطفلة في طباعة نموذج مطاطي ثلاثي الأبعاد لقصبتها الهوائية. ومن ثم أصبح بإمكانهم اختيار الأدوات المناسبة قبل بدء العملية الجراحية، وكنتيجة لهذا، تقلصت فترة خضوع الطفلة للمخدر خلال العملية، ويقول الأطباء في مستشفى غريت اورموند ستريت في لندن إن من الممكن استخدام هذه التقنية في تدريب الأطباء بشكل عام.
في خدمة المكفوفين
يستعين روميو إدميد -وهو كفيف- بأنامله للتعرف على عالم لم يشاهده من قبل بعد أن كف بصره وهو لا يزال بعد ابن الثانية لذا كانت علاقته بالفنون والمتاحف شبه معدومة.. سمع إدميد كثيرا عن الأعمال الفنية الكلاسيكية لكن الرحلات المدرسية للمتاحف لم تكن تروق له ويقول “كنت أذهب الى مدارس عامة مع أطفال مبصرين ولم تكن لدي مثلهم نعمة البصر … كان اللمس محظورا بالضرورة”.
ويصف أدميد شعوره وهو يمر بأصابعه على نسخة مصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من لوحة (جورج واشنطن يعبر نهر ديلاوير) للفنان الأمريكي ايمانويل لويتس في مكتبة للمكفوفين بمدينة نيويورك قائلا “ظللت طول حياتي أسمع عن الرسامين المشهورين وأعمالهم الفنية … لكنني لم أكن بالضرورة أقوم بتجميع صور فعلية لها لانها ليست منحوتة في الذاكرة لكن الأمر يختلف تمام الاختلاف عندما تلمسها”. بحسب رويترز.
ومبتكر هذه التقنية هو جون أولسون وهو مصور سابق بمجلة (لايف) أسس شركة للطباعة ثلاثية الأبعاد للأعمال الفنية الشهيرة بعد ان حصل على حقوق طباعة الفنون الجميلة بهذه التقنية، وقال أولسون إن هذه العملية تشمل ثلاث مراحل الأولى التقاط صورة تقليدية ثنائية الابعاد للعمل الفني ثم تحويلها إلى بيانات ثلاثية الأبعاد والخطوة الثانية هي ارسالها إلى آلة تقوم بتحويل هذه البيانات إلى منحوتة مصمتة ذات طول وعرض وسمك وملمس ثم تأتي المرحلة الثالثة في ماكينة الطباعة الثلاثية الأبعاد للحصول على تضاريس تماثل العمل الفني، وقامت شركة أولسون بتركيب سلسلة من أدوات الاستشعار في جميع نقاط العمل الفني تصدر أصواتا عندما تلامسها الأصابع لتعطي معلومات صوتية تجعل الكفيف يدرك العناصر الرئيسية للعمل الفني، وقضي أولسون سبع سنوات لابتكار هذه التقنية ثم قام بجمع تبرعات للتوسع في نشاطه.
صناعة طائرة بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد
أطلق فريق من المهندسين من جامعة ساوثهامبتون البريطانية طائرة بلا طيار صنعت بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد من سطح سفينة حربية ملكية لاستشكاف الاستخدام المحتمل لهذا النوع من المركبات الجوية في البحر.
وبعد إطلاق الطائرة من سطح السفينة ميرسي قبالة سواحل دورست في جنوب انجلترا حلقت بشكل ذاتي في مسار محدد لها من خلال البرمجيات قبل ان تهبط على شاطيء تشيسل، يبلغ وزن طائرة جامعة ساوثهامبتون (إس.يو.إل.إس.ايه) ثلاثة كيلوجرامات ويصل باعها الى متر ونصف المتر. صنعت الطائرة بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الابعاد من أربع قطع رئيسية ويمكن تركيبها دون الحاجة لأي معدات. بحسب رويترز.
وبعد أن أطلقت من سطح السفينة الحربية حلقت لنحو 500 متر في منشأة للتدريب في وايماوث قبل أن تهبط، قاد البحث فريق من العلماء والمهندسين من جامعة ساوثهامبتون وفي عام 2011 جربوا لأول مرة أول طائرة في العالم تصنع بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الابعاد، وقال الاستاذ الجامعي آندي كيان من قسم الهندسة والبيئة بجامعة ساوثهامبتون إن استخدام هذا النوع من الطائرات سيستمر في الزيادة مع تقليص نفقات التصنيع وزيادة جودة المواد المستخدمة في تصنيعها، وقال مسؤولون في البحرية الملكية البريطانية انهم مهتمون بتطبيق النظريات الخاصة بالانظمة اللية غير المأهولة. وصرحوا بأن التجربة ساعدت على استكشاف بساطة استبدال المعدات المعقدة بأنظمة التشغيل الآلي.
ناسا ترسل طابعة ثلاثية الأبعاد جديدة للفضاء
الى ذلك تسعى وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” لإرسال طابعة ثلاثية الأبعاد إلى طاقم الرواد المكون من ستة أفراد على متن محطة الفضاء الدولية الشهر المقبل، وستستخدم هذه الطابعة في تصنيع قطع غيار وإجراء تجارب، واختبر طاقم المحطة بالفعل نموذجا أوليا للطابعة، وهي أداة التصنيع الأولى على الإطلاق في الفضاء.
وقال اندرو روش، الرئيس التنفيذي لشركة “ميد إن سبيس” أو (صنع في الفضاء)، التي تمولها ناسا وتعمل على تطوير هذه التكنولوجيا: “يمكنك أن تقدم لنا قرص ذاكرة صغير (يو اس بي) مع الملف الخاص بك، ويمكننا إرساله رقميا إلى الفضاء”، وأضاف: “من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد يمكننا تصنيع هذا الشيء ونتجنب تماما وضعه على متن صاروخ”، ومن خلال الحصول على تمويل بقيمة 20 مليون دولار من ناسا، تعمل شركة “ميد ان سبيس” أيضا على تصنيع نظام “اركينوت” الذي من شأنه أن يساعد يوما ما في صناعة هياكل كبير يمكن تجميعها في الفضاء باستخدام جهاز روبوت.
الطابعة ثلاثية الأبعاد سيكون بإمكانها تصنيع هياكل كبيرة وتجميعها باستخدام الروبوت، بحسب فريق الباحثين في شركة “ميد إن سبيس”، ويعتزم روش تصنيع “أطباق لاسلكية ضخمة يمكن أن تخدم الكثير من الناس، أو تؤدي مهمات علمية مذهلة أو تفحص بشكل معمق ودقيق في ماضي الكون”، وحتى الآن، تصف ناسا إرسال أشياء كبيرة إلى الفضاء بأنها “أشبه بأوريغامي” (فن طي الورق في الثقافة اليابانية).
ووفقا للخطة الخاصة بهذا المشروع، فإن الهياكل سيجري طيها للإطلاق ثم بسطها وتركيبها بمجرد وصولها للفضاء، واكتساب القدرة على التصنيع في الفضاء من شأنه أن يزيل عائقا لوجيستيا متمثلا في معرفة الأشياء التي يمكن إطلاقها من الأرض للفضاء على متن صاروخ.
ووفقا لتقديرات فريق “ميد إن سبيس” فإن الأمر سيستغرق ثلاث إلى أربع سنوات قبل أن تتحقق هذه الطموحات الكبيرة، وسيجري ترخيص استخدام هذه التكنولوجيا للأغراض التجارية، ويبحث فريق الباحثين في شركة “ميد إن سبيس” باهتمام في كيفية استخدام مواد خام عثر عليها في الفضاء من بينها سطح الأقمار والمريخ، وقال روش: “بيئة الفضاء هي بيئة قيمة وفريدة للغاية. يمكننا تصنيع أشياء سيصبح فقط من المستحيل تصنيعها على الأرض. وهذا سيمكننا في نهاية المطاف من العيش بعيدا عن الأرض، ليس فقط في بيئة الجاذبية الصغرى، لكن على أقمار وكواكب أخرى”.

 

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here