اختلافات التطور.. وانقسامات الدمار

0
690

الدكتور عادل عبد المهدي

لا يُمكن لامة او دولة ان تنهض من دون حالة من الحريات والاجتهاد والاختلاف وتدافع الآراء للوصول الى القناعات والخيارات الصحيحة. فالاستبداد وإغلاق منابر الرأي والرأي المضاد يغلق مسارات التطور والنماء.. وكلما تطورت الامم والدول، وشعرت الايديولوجيات والعقائد بصلابة افكارها ومبادئها ومنطلقاتها كلما انفتحت على غيرها وتزودت من مكاسب ومنجزات غيرها.. بالمقابل، كلما اتجهت نحو الجمود وسارت في طريق كبت الحريات والاصوات الحرة، كلما عجزت عن معالجة ثغراتها ونواقصها.. واعطت اشارات الى افول نجمها وبداية تراجعها. بلغت الدولة العباسية شأواً عظيماً في مجال الحضارة والانتاج والادارة والعلوم والتقدم والابحات التطبيقية والنظرية والفلسفية، لكن عندما اوغل الحكام باضطهاد مخالفيهم.. وصولاً لغلق باب الاجتهاد في القرن الرابع الهجري.. ظهر احد اهم مؤشرات التراجع والتخلف. اما في التاريخ المعاصر فان تجربة الاتحاد السوفياتي تشير لنفس النتائج.. فلقد حقق السوفيات تقدماً سريعاً في مجال التنظيم والانتاج.. وسبقوا الغرب والامريكان في إرسال اول انسان الى الفضاء الخارجي.. وفي المجال الصاروخي والنووي.. وعدد لا يحصى من الصناعات والمنجزات.. والتي قادت لتطويق العالم الرأسمالي من داخله وخارجه وفي القارات الخمس.. لكن هذا التقدم والتفوق سرعان ما انهار بشكل كارثي.. وأحد اسبابه الاساسية المسارات الاحادية والشمولية.. فلم تنفع “البيريسترويكا” و”غلاسنوست” اي الاصلاح الاقتصادي والشفافية على التوالي التي حاول غورباتشوف تطبيقها، من انقاذ الاوضاع، بل سرّعت من تداعياتها.فالاختلافات امر طبيعي بين مختلف المدارس، بل بين القوى السياسية سواء داخل الساحة الواحدة او بين الساحات المختلفة.. وشروط فاعلية الاختلافات محافظتها على امرين اثنين على الاقل.. الاول ان تكون هناك قاعدة مشتركة للجميع لضمان مصالح البلاد.. ومعرفة ما يهددها وما تتحد عليه. كوقوف الجميع متحدين لتوفير السلم الاهلي وضمان الحقوق والمبادئ الاساسية للمواطنين.. وضد نظريات العنف والارهاب والقتل والتعذيب واستباحة الدماء سواء مارستها

الدولة او مارسها اي تنظيم او طرف.. والثاني ان يميز بين الاختلافات والانقسامات.. التي تقود الى تفكك الشعب والبلاد.. وتحطم الركائز الاساسية التي تشكل الاجتماع والوحدة.فما دام الاختلاف يقوم على قاعدة المشترك، ويدور في اطار العقد الموحد للجميع، فان ممارسته ليس حقاً فقط بل واجباً ايضاً، يجب حمايته وتشجيعه، بما يخدم الصالح العام.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here