العنف ضد المرأة

0
1293

اعداد: حيدر الجراحDomestic violence

المرأة في أساطيرها، هي الام التي يرفضها الرجل، والمغوية التي يقهرها، والزوجة التي يستعبدها.. مصطلح (الوأد) في اللغة العربية يعني ان (يقبر الانسان حيا)، ربما تلك هي اشهر صورة للعنف ضد المرأة في بواكير حياتها حين تولد، يستعيدها المخيال العربي والاسلامي حين التفكير في موضوعة العنف، وقد ادانها القرآن الكريم مع ادانات اخرى لصور غيرها في الثقافة الجاهلية..

لكن (الوأد) لم يقتصر على القبر بمعناه المادي، بل اصبح يشتمل على الكثير من المعاني والدلالات المعنوية، اضافة الى معناه المادي، واتخذ صيغة اكثر تطرفا، وهو (القتل بداعي الشرف)..

العنف ضد المرأة، تعرفه الأمم المتحدة في الإعلان بشان القضاء على العنف ضد المرأة: هو

(اي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أو يرجح إن يترب عليه ، أذى أو معاناة للمرأة ، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية ،بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية ، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة).

ما هي الاشكال التي يتخذها العنف ضد المراة؟

هناك شكلان لهذا العنف، الشكل الفردي ، والشكل الاجتماعي:

من امثلة النوع الاول:

(التعرض للضرب على يد الزوج أو الوالدين أو الإخوة – التعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث أو الفتيات الصغيرات على أيدي أفراد الأسرة – اغتصاب الزوجة وخاصة إذا كان الزواج قد تم بالإكراه والإجبار – تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وغير ذلك من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة – التعدي على خادمات المنازل بما

في ذلك : الحبس غير الطوعي ، القسوة الجسدية ، الظروف المماثلة للرق ، الاعتداء الجنسي ).

من امثلة النوع الثاني:

(الاغتصاب والتعدي الجنسي والمضايقة في أماكن العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر – إرغام النساء على ممارسة البغاء – العمل القسري – من أمثلته إرغام المرأة الريفية على العمل وهي تحمل أطفالها على ظهرها – النساء والأطفال يعملون في أكوام المزابل والنفايات ورب البيت يشرف على هذه العملية – الاغتصاب وغيره من الانتهاكات على أيدي الجماعات المسلحة مثل الشرطة وحراس السجون وحرس الحدود ومسئولو الهجرة ومن على شاكلتهم – التعذيب إثناء الاحتجاز – العنف الذي يرتكبه المسئولون ضد اللاجئات).

الشكلان من العنف يقعان تحت مظلة ما يعرف لدى الباحثين في العلوم الانسانية ب (ثقافة العنف ضد النساء) وتعني: كل الممارسات الفعلية والخطابية، وكل القيم والصور والرموز التي تفضي الى العنف ضد النساء، او تشجع عليه او تفضي الى استبطان العنف والدفاع عنه من قبل النساء انفسهن، او تفضي الى تشجيع ضحاياه على الصمت عنه وعدم اللجوء الى سلطة القانون لفرض العقاب على المعتدي.

ثقافة العنف ضد النساء هي التي تجعل الناس يعتقدون ان العنف ليس عنفا، وهي التي تسمي العنف باسماء اخرى هي حماية المراة، او تهذيبها، او الدفاع عن الشرف والعرض.. وهي الثقافة التي تجعل النساء والرجال لا يعتبرون العنف عنفا، وهي التي تنتج احتقارا منظما للمراة ولجسدها، وحدا لحريتها وطموحاتها..

يقترن بالعنف ضد المرأة التمييز بينها وبين الرجل في الكثير من المجالات، وهذا التمييز يؤسس لثقافة العنف التي اشرنا اليها سابقا..

فالتمييز في حد ذاته عنف او بالاحرى نوع من العنف الاساسي لانه لا يستهدف ملكية الاخر، بل يستهدف ماهية الاخر: ليس اعتداء على مايملكه الاخر، بل نفي لجوهر الانسان في الاخر.

كما يذهب الى ذلك (رجاء بن سلامة، في كتابه (بنيان الفحولة، ابحاث في المؤنث والمذكر)..

من صور هذا التمييز التي تذكرها (روبن مورغان) في كتابها (عاشق الشيطان) حيث تقول:

في العالم الحقيقي تؤلف النساء ثلثي جميع الاميين، وتسعون في المائة من جميع السكان اللاجئين، وهي الاغلبية بين المسنين بالاضافة الى انها المشرفة الاولى على المسنين. وفي الدول المتطورة تساهم باكثر من خمسين بالمائة من الناتج الاجمالي للطعام, وفي القارة الافريقية تشكل اكثر من ثمانين بالمائة من جميع المزارعين، لكن عملها غير منظور في الناتج القومي العام. وفي الدول الصناعية تشكل اكثر من اربعين بالمائة من قوة العمل الماجورة لكنها تكسب من نصف الى ثلاثة ارباع ما يكسبه الرجال من نفس الاعمال. وهي تترأس ثلث جميع الاسر في العالم.

وما من مكان يعتبر فيه انتاجها للبشر على انه انتاجية. وهي تؤلف الاكثرية ضمن العشرين مليون شخص الذين يموتون سنويا نتيجة اسباب تتعلق بالجوع. وضمن المليار الذين يعانون من نقص مزمن ومن حرمانات الفقر الاخرى. وهي تعاني قبل ذلك ولفترة اطول من النفايات السامة والنووية والمطر الحامضي والحرب الكيماوية والمبيدات المميتة، لان مثل هذه الملوثات القاتلة تحصل على ضريبتها الاولى في تزايد سرطانات الجهاز التناسلي النسائي، وفي الولادات الميتة، والتشوهات الخلقية.. وهي تعمل حيثما توجد: وعملها يمحى لانه يعتبر طبيعيا، او يهمش لانه يعتبر غير ماهر او عابرا او متنقلا.

ما هي نتائج هذا العنف الممارس ضد المرأة؟

(تدمير انسانية المرأة – تضخم الشعور بالذنب والخجل والانطواء والعزلة وفقدان الثقة بالنفس واحترام الذات- التدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية – الحد من إمكانية حصولها على الموارد – عرقلة مساهمتها في التنمية – عدم الشعور بالأمان اللازم للحياة والإبداع – عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم – التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد الإعاقة الدائمة – بغض الرجل من قِبَل المرأة مما يولّد تأزماً في بناء الحياة المشتركة – كره الزواج وفشل المؤسسة الزوجية).

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here