المرجع الشيرازي يؤكد على تعظيم الشعائر الحسينية مهما كان الثمن

0
922

صورة خبر المرجع الشيرازيقال المرجع الديني آية الله السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، إن الهدف اقامة الشعائر الحسينية هو بيان وتأكيد أنه لماذا قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه، وهذا الذي يجب أن يبقى حيّاً وخالداً وإن استوجب أو أدّى إلى قتل الألوف من المؤمنين والمؤمنات ومن الأتقياء والصالحين، وهذا ما حصل في التاريخ الماضي، ومنها واقعة الحرّة. وأضاف، إن الله تعالى يريد أن يمتحن الناس عبر التاريخ بالقضية الحسينية المقدّسة، فحذاري من أن نسقط في هذا الامتحان، وشار سماحة المرجع الى إنّ العالم اليوم، ولله الحمد، يشهد إقامة العزاء الحسيني، وهذا من الإرادة التكوينية الإلهية. ولكن حريّ بالشيعة أن يسعوا إلى الحصول على قمر اصطناعي وأن يوقفوه باسم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كي تستفيد منه المئات من القنوات الفضائية الشيعية، وتنشر القضية والشعائر الحسينية المقدّستين، وإنّ أقلّ ما يمكن أن نقدّمه للإمام الحسين صلوات الله عليه هو أن لا نتكلّم بالسلب تجاه الشعائر الحسينية المقدّسة. وإذا أراد أحد أن يعرف الحلال والحرام فعليه أن يراجع ويسأل الفقهاء الكبار البارعين.

جاء ذلك مع حلول شهر محرّم الحرام 1435 للهجرة، وذكرى استشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه، حيث ألقى المرجع الشيرازي، كلمة قيّمة بوفود العلماء والفضلاء والمبلّغين، الذين وفدوا على بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، يوم الأربعاء الموافق للتاسع والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام 1433 للهجرة، للاستفادة من إرشادات سماحته فيما يرتبط القضية والشعائر الحسينية المقدّستين.

وفيما يلي أهمّ ما جاء فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة قرب حلول شهر محرّم الحرام وأيام عاشوراء الإمام الحسين صلوات الله عليه، ابتداء أرفع التعازي لسيدنا ومولانا بقيّة الله الإمام المهديّ الموعود صلوات الله عليه وعجّل الله تعالى في فرجه الشريف. وأقدّم التعازي إليكم أنتم أيها السادة، الوعّاظ، والمدرّسين، وأئمة الجماعة ولباقي المؤمنين. وأعزّي جميع المعزّين

الحسينيين في كل مكان بالعالم، ولكل أهل العالم الذين سيخاطبهم الإمام بقيّة الله عجّل الله تعالى في فرجه الشريف في وقت ظهوره الشريف حول المصائب الحسينية. وأسأل الله تعالى في هذه الأيام والآتية، بدءاً بأيام عاشوراء وباقي أيام شهري محرم وصفر، أن يوفّقنا وإيّاكم وجميع المعزّين أكثر وأكثر، وأن يتقبّل منّا جميعاً.

عاشوراء لا تنتهي

إنّ الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه استشهد في يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة، بحالة مفجعة، وانتهى ذلك اليوم باستشهاده صلوات الله عليه. ولكن الله تعالى، من الأزل، تعلّقت إرادته التكوينية والتشريعية، بأن لا ينتهي عاشوراء. فتكوينياً عاشوراء هي مظاهر العزاء التي نشاهدها في كل أرجاء المعمورة أو نسمع بها. وهذا ما لم يجعله الله تعالى للمعصومين الأربعة الأوائل، أي النبيّ الكريم والإمام أمير المؤمنين والسيدة الزهراء والإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهم أفضل من الإمام الحسين صلوات الله عليه.

التعامل التشريعي مع الشعائر الحسينية

أنا في هذه الليلة أريد أن أتحدّث عن الإرادة التشريعية. وهذا الحديث له ارتباط بمباحث فقهاء الإسلام الذين بحثوا وفحصوا قبل عشرات السنين في الأدلة الشرعية، وهو:

إنّ الأئمة الأطهار، من الإمام السجّاد ومن بعده صلوات الله عليهم أجمعين، وكذلك التابعين للأئمة، أي أعاظم فقهاء الإسلام عبر التاريخ، لم يكن تعاملهم مع الشعائر الحسينية المقدّسة كتعاملهم مع أعظم الواجبات من بعد أصول الدين، أي التوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد. وهنا أنقل لكم نموذجاً من مئات وألوف النماذج حول ذلك، وهي موجودة في القرآن والأحاديث الشريفة وفي تاريخ فقهاء الإسلام الكبار، بحيث لو جمعت فستكوّن موسوعة كبيرة، وسيتكون مفيدة جدّاً.

لماذا قُتل الإمام الحسين؟

لو راجعنا كتاب المكاسب مثلاً أو غيره، وأردنا أن نعرف ما هي الكبائر وما هي محرّمات الكبائر، وكم هي أعظم الكبائر، فسنجد طبقاً للروايات الصحيحة، والكتب، أنها سبع، ومنها: الشرك بالله تعالى، وقتل النفس المحترمة.

إنّ قتل النفس المحترمة له بعد عاطفي عظيم، ولكني هنا أريد أن أتحدّث عن جانب النظرة الشرعية والحكم الشرعي لقتل النفس المحترمة، وأقول:

لماذا قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه؟

ولماذا أقيمت الشعائر الحسينية من بعد استشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه، ابتداء من عصر يوم عاشوراء، أي ابتداء مما قامت به السيدة زينب سلام الله عليها والإمام السجاد صلوات الله عليه، ومن بعدهما؟ فهل أقيمت الشعائر لكي يرجع الإمام الحسين صلوات الله عليه إلى الحياة؟ وهل كان هذا هو هدف إقامة الشعائر؟

الجواب: إن الهدف من ذلك هو بيان وتأكيد أنه لماذا قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه. وهذا الذي يجب أن يبقى حيّاً وخالداً وإن استوجب أو أدّى إلى قتل الألوف من المؤمنين والمؤمنات ومن الأتقياء والصالحين. وهذا ما حصل في التاريخ الماضي، ومنها واقعة الحرّة.

تعظيم الشعائر مهما كان الثمن

إنّ واقعة الحرّة وقعت في عصر الإمام زين العابدين صلوات الله عليه، في المدينة، حيث ثار أهلها على يزيد لعنة الله عليه، وأدّت إلى مقتل الألوف من أهل المدينة وهتكت الأعراض، حيث ذكروا أنه بعد واقعة الحرّة ولدت ألف امرأة من المدينة من غير زوج، وغيرها من الجرائم. فلماذا لم ينهى الإمام زين العابدين سلام الله عليه أهل المدينة عن الثورة ضد يزيد لعنة الله عليه، والإمام يعلم بما ستؤول إليه وما سيترتب على هذه الثورة من مقتل الألوف وهتك الأعراض وغيرها؟

لكن تعالوا وانظروا إلى بعض من يدّعي أنه من أهل العلم في عالمنا اليوم، فترى أحدهم أفتى بحرمة الذهاب إلى زيارة كربلاء بسبب مقتل أربعة من الزوّار من أبناء بلده بسبب التفجيرات الإرهابية في كربلاء! وبرّر ذلك بأنه من باب: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

موقف الإمام السجاد من الثورة ضد يزيد

إنّ الإمام السجّاد سلام الله عليه لم ينهى أهل المدينة عن الثورة ضد يزيد لعنة الله عليه، وذلك لأجل الشعائر الحسينية، وليس لأجل أن يحيى الإمام الحسين صلوات الله عليه ويرجع إلى الدنيا. علماً بأن من معتقداتنا هو انّ الإمام الحسين صلوات الله عليه حيّ، حيث نقرأ في زياراته صلوات الله عليه: (أشهد أنك حيّ عند الله) ونقرأ أيضاً: (برجاء حياتك أحييت قلوب شيعتك).

اقرأوا عن واقعة الحرّة بشكّل جيّد، فهي موجودة في بحار الأنوار، وفي تواريخ العامة كالطبري وابن الأثير وابن خلدون الملعون، وتأمّلوا: لماذا لم ينهى الإمام زين العابدين صلوات الله عليه عن الثورة ضد يزيد لعنه الله؟

ألم يكن الإمام زين العابدين صلوات الله عليه عالماً بالقرآن؟

وهل غاب ـ والعياذ بالله ـ عن الإمام السجّاد صلوات الله عليه قوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة؟ ولماذا لم يعدّ الإمام صلوات الله عليه، الثورة ضد يزيد لعنة الله عليه بأنها إلقاء النفس في التهلكة؟

فإذا لم يقل الإمام السجاد صلوات الله عليه حول ثورة أهل المدينة بأنها (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، لماذا صار البعض يردّدها الآن؟

فنحن قرأنا ونقرأ في الأصول والفقه بأن تقرير المعصوم حجّة وهكذا قول المعصوم وفعل المعصوم. فما يعني إقرار الإمام السجاد صلوات الله عليه وسكوته وعدم نهيه عن الثورة؟

تشجيع الأئمة على الزيارة مع وجود الخطر

في زمن الأئمة الأطهار، الباقر والصادق والكاظم صلوات الله عليهم، كم قُتل من الناس بسبب ذهابهم إلى زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه؟ وكم منهم عذّبوا؟ بل إن الكثير ممن ذهب إلى الزيارة كان يودّع أهله وعائلته وداع من لا يرجع إليهم أبداً! فهل تجدون نهياً واحداً من الإمام الباقر صلوات الله عليه عن عدم الذهاب إلى الزيارة، أم أنه صلوات الله عليه كان يشجّع الناس ويحثّهم على الزيارة؟

لماذا كان الإمام الباقر صلوات الله عليه يشجّع الناس على زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه؟

هل لأن الإمام الحسين صلوات الله عليه سيرجع إلى الدنيا بهذه الزيارات؟

أم لتأكيد هذا الأمر وهو أنه: لماذا قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه؟ ولأجل الشعائر الحسينية المقدّسة، ولو بثمن مقتل العديد من الصالحين.

بل ولكثرة تشجيع الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم على الزيارة، كان الناس يخاطرون بحياتهم فكان الشخص منهم يذهب إلى الزيارة وهو يحتمل احتمالاً عقلائياً بأنه سيقتل. فلماذا لم ينهى الإمام الباقر أو الإمام الصادق صلوات الله عليهما، الناس عن ذلك؟

تعامل العلماء مع القضية الحسينية

إن الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم كانوا يشجّعون الناس ويحثونهم على الزيارة، وهناك الكثير من الروايات الصحيحة والمفصّلة في هذا المجال، وتجدونها في العديد

من الكتب، بالأخصّ الكامل في الزيارات، وخصوصاً حول من يقتل في زيارته للإمام الحسين صلوات الله عليه، وحول من يتعرّض للأذى ونحو ذلك. وهذه الأمور هي من الإرادة التشريعية الإلهية بحق القضية الحسينية المقدّسة. فالله تعالى أراد تشريعياً أن تبقى قضية الإمام الحسين صلوات الله عليه حيّة خالدة، وهذا ما لا نجده بالنسبة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وزيارة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولزيارة باقي الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم. وهذا الاختصاص الإلهي عمل به الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم واتّبعوه بكل قوّة. وهكذا عمل الفقهاء الكبار وواصلوا واستمروا عليه. فهل نحن نفهم اكثر من الأئمة صلوات الله عليهم، والعياذ بالله؟

نُصرة الميرزا الشيرازي للشعائر الحسينية

أحد الفقهاء من تلامذة السيد اليزدي له كتاب باسم (نُصرة المظلوم) ويرتبط بالشعائر الحسينية المقدّسة، راجعوه وانظروا ماذا ينقل فيه عن الكبراء من العلماء.

إنّ الميرزا الشيرازي الكبير ذهب إلى سامراء وسكن فيها، ولم يكن في سامراء حينها حتى شيعي واحد، فالشيعة كانوا يأتون لسامراء للزيارة فقط. وقد كتب صاحب كتاب (نصرة المظلوم) عن الميرزا الشيرازي بأنه: (وكان الشبيه ـ أي عزاء التشابيه ـ يترتَّب أيضاً في داره (أي في دار الميرزا الشيرازي وهو يهيئ ثياب التشابيه)، ومنه تخرج المواكب وإليه تعود). وهكذا هو الحال بالنسبة لباقي أكابر العلماء كالسيد اليزدي واسماعيل الصدر والآخوند رضوان الله تعالى عليم.

موقف مؤسّس الحوزة بقم تجاه الشعائر

راجعوا الرسالة العملية لمؤسّس الحوزة العلمية في قم المقدّسة، الشيخ عبد الكريم الحائري رضوان الله تعالى عليه، وأقرأوها فستجدون فيها أنه عندما يذكر بعض الشعائر الحسينية المقدّسة، يقول: جائزة ولا يحقّ لأي أحد أن يمنعها! في حين أنك لن تجد له مثل هذا الكلام للشيخ في رسالته عن باقي الواجبات والمحرّمات والمسائل الشرعية الأخرى. فما يعني كلام الشيخ الحائري: (لا يحقّ لأي أحد أن يمنعها)؟ فتأمّلوا في ذلك.

إن البهلوي الأول (رضا شاه) حارب الشعائر الحسينية المقدّسة، وحبس المعزّين الحسينيين وعذّبهم وقتل الكثير منهم، من الرجال والنساء، والفتيان والشباب والكبار، ولكن لم نجد أحداً من العلماء والفقهاء في ذلك الوقت، وكانوا مراجع تقليد، لم نجد أحداً منهم أفتى وقال للناس: لا تقيموا الشعائر، أو لا تعرّضوا أنفسكم للتهلكة! نعم لا

تجدون حتى مورداً واحداً. بل أنهّم كانوا يقرّون بإقامة الشعائر ويقرّون بتحمّل التعذيب والمصائب في سبيل إقامة الشعائر الحسينية المقدّسة.

وهكذا بالنسبة للمعصومين صلوات الله عليهم، فلم نجد أنه صدرت منهم كلمة سلبية واحدة، أو تصرّف سلبي واحد، تجاه ما لحق بالمقيمين للشعائر الحسينية وللسائرين إلى زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه، من أذى.

عاشوراء امتحان للناس

إن الله تعالى يريد أن يمتحن الناس عبر التاريخ بالقضية الحسينية المقدّسة، فحذاري من أن نسقط في هذا الامتحان. فمثل التعامل مع القضية الحسينية المقدّسة، كمثل من يصعد جبل فيه زحاليف، أي جمع زحلوفة وهو مكان منحدر يملس، فإذا لم يحتاط ولم ينتبه الإنسان في صعوده في هذا الجبل فسينزلق ويتدحرج ويسقط.

لقد قام نظام صدام بقتل زوّار الإمام الحسين صلوات الله عليه في الزيارة الشعبانية وهم في طريق النجف ـ كربلاء، عبر رميهم بالرصاص من المروحيات، ودفنوهم في مقابر جماعية، وبعضهم كانوا أحياء حيث أصيبوا بجراح فقط، فهل أفتى علماء ذلك الوقت بحرمة الذهاب إلى كربلاء؟

كتب صاحب كتاب (نصرة المظلوم) أنه: إذا خلت قرية ما من العزاء الحسيني فسيكون فريضة على أهلها أن يقيموا العزاء. وهذا كلام أحد الفقهاء وليس كلام أحد العوام المتفقهين. وهذا هو الواجب الكفائي الذي إذا لم يوجد من فيه الكفاية للقيام به يصبح واجباً عينياً. وهذا الواجب العيني بالقتل هو أقوى، وليس بذلك الذي يقول ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

الإسلام بريء من تصرّفات الحكّام

في زمن حكم صدام وقبله، كان البعثيون يتجسسون على الناس ويتنصتون عليهم ليتعرّفوا على المعزّين الحسينيين ويلقوا القبض عليهم ويسجنونهم ويقتلونهم، وكانوا يصدرون أحكامهم استناداً إلى ما حصلوا عليه من تنصتهم، وكانوا يعلنون بذلك للناس. ولكن تعالوا وانظروا اليوم إلى ما حصل إلى أقوى دولة في العالم وهي أميركا، وهي دولة كافرة، جراء تنصت أحد موظفيها على شخص أو أشخاص من دولة كافرة أخرى. حيث تناقل هذا الخبر العشرات من الفضائيات، والصحف، وشجبوا هذا التصرّف ووضع هذا الأمر أميركا في موقف محرج جدّاً حتى صار

كبار المسؤولين في أميركا يعلنون عن جهلهم بهذا النوع من التصرّف الذي سيؤثّر وبلا شكّ على الانتخابات الرئاسية القادمة فيها.

أليس من العيب أن يتجسّسوا على العزاء الحسيني؟

وإلى من نشكوا ذلك؟ وإلى من نقوله؟

إننا لا نشكوا ذلك سوى إلى الله تعالى وإلى مولانا صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

إذن على الشيعة أن يعلموا ويعرفوا ان مثل هذه التصرفات التي صدرت من البلهوي وصدام بأنها ليست من الإسلام ولا من الإمام الحسين صلوات الله عليه.

المسؤولية الأهم اليوم

كما على الشباب أن يعلموا بأنه إذا رأوا تعاملاً أو تصرّفاً غير لائق فلا يظنوا السوء بالإسلام، بسبب ضعفهم الفكري، بل هو مسؤولون بأن يتحققوا ويعرفوا ان تلك التصرّفات وأمثالها ليست من الإسلام. فالإمام الحسين صلوات الله عليه قام بنهضته المقدّسة لأجل الهدف الذي ذكر في زياراته الشريفة وهو: (وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة).

نحن أهل العلم مسؤوليتنا حسّاسة جدّاً، كذلك بالنسبة للشيعة كافّة، فلماذا لا نقوم نحن أيضاً بمثل ما قام به الإمام الحسين صلوات الله عليه، أي استنقاذ العباد؟ حتى وإن كلّفنا ذلك الأذى والمشاكل. فالقرآن الكريم يقول: (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ). فكما يتعرّض المقيم للشعائر الحسينية والمحيي للقضية الحسينية المقدّسة إلى الأذى، كذلك يتعرّض إلى الأذى المحارب والمعرقل لها، مع فارق هو أن المقيم والمحيي للشعائر والقضية الحسينية المقدّستين سينال في الآخرة الأجر والثواب والمقام العظيم من الله تعالى، وللمحارب للشعائر الحسينية والمعرقل لها الويل والعذاب الأليم.

إنّ العالم اليوم، ولله الحمد، يشهد إقامة العزاء الحسيني، وهذا من الإرادة التكوينية الإلهية. ولكن حريّ بالشيعة أن يسعوا إلى الحصول على قمر اصطناعي وأن يوقفوه باسم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كي تستفيد منه المئات من القنوات الفضائية الشيعية، وتنشر القضية والشعائر الحسينية المقدّستين، حتى يعرف العالم ماذا يحدث من تضحيات وتفاني وخدمات للإمام الحسين صلوات الله عليه في شهر محرّم الحرام.

تضحية حسينية فريدة

نقلوا عن أحد العراقيين المشاة إلى زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه في الزيارة الأربعينية أنه كان يمشي مع ولده، فقال للمراسل الصحفي الذي حاوره: كان لدي ستة أولاد، خمسة منهم قتلوا في طريق المشي إلى زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه بالانفجارات من قبل الإرهابيين، وقد جئت بالسادس منهم، وأقول للإمام الحسين صلوات الله عليه: سيدي هذا ولدي الأخير جئت به وأقدّمه لك!

ماذا قدّمنا للإمام الحسين؟

نحن ما الذي قدّمناه للإمام الحسين صلوات الله عليه؟ وهل يمكننا أن نرفع رؤوسنا يوم القيامة أمام أمثال ذلك الرجل العراقي الذي ضحّى بخمسة من أولاده؟ وهل يمكننا أن نقول: يارسول الله؟

نحن وأنتم كم جعلنا من وقتنا ومن عملنا ومن مالنا ومن حضورنا ومن قلمنا ومن لساننا في سبيل الإمام الحسين صلوات الله عليه؟

إنّ أقلّ ما يمكن أن نقدّمه للإمام الحسين صلوات الله عليه هو أن لا نتكلّم بالسلب تجاه الشعائر الحسينية المقدّسة. وإذا أراد أحد أن يعرف الحلال والحرام فعليه أن يراجع ويسأل الفقهاء الكبار البارعين.

كما علينا أن نعمل على إحياء هذا الأمر المهم وهو: لماذا قُتل الإمام الحسين صلوات الله عليه؟

شكر ودعاء

أنا من باب الواجب أدعو لكل الذين يبذلون الزحمات والجهود في إقامة الشعائر الحسينية بأي نحو كان، وبأي شكل، ويتبرّعون أو يجمعون التبرّعات ويتحملون الأذى ويشاركون ويشجّعون، أشكرهم فرداً فرداً.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفّق الجميع لإحياء الشعائر الحسينية المقدّسة، بكافّة أشكالها وأساليبها، وأن يتقبّل من الجميع.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here