صناعة الرعب وإرادة تدمير الحياة

0
617

علي حسين عبيد

هناك إرادة شرّيرة هدفها إيقاف عجلة الحياة عن التقدم الى أمام، هذه الارادة تجيد صناعة الرعب ومتخصصة في انتاج الخوف، بل لا تعرف سوى هذا النوع من الصناعة، لأنها ببساطة تكره الحياة وكل ما يمت لها بصلة، فهذه الارادة تعيش في حالة ظلام دامس، وكأنها لا تزال تتخطى العصور الحجرية، عندما كان الانسان والحيوان متساويان في الوعي وطريقة العيش، لأن القائمين على صناعة الرعب، فاشلون في إتقان فن الحوار، وفاشلون في إتقان جميع السبل والطرائق التي ترفض العنف، إنهم باختصار بارعون في التعامل بلغة التصادم والقتل وسفك الدماء، كل هذا من اجل أن لا تتقدم الحياة خطوة واحدة الى أمام. وعندما نتحدث عن الاوضاع التي يمر بها العراق بصورة أخصّ، والمنطقة بصورة عامة، فإننا سنلاحظ الصناعة المتقنة للرعب في هذا البلد، إذ يتعرض العراق منذ سنوات طويلة لموجات متلاحقة من العنف، وغالبا ما يكون الفقراء والشرفاء هم هدف هذه الصناعة التي لا ينتج عنها سوى الموت والتدمير والعنف، وقد ورد في تقرير صدر مؤخرا عن الامم المتحدة حول العنف الذي يجري في العراق، ان الابرياء هم الذين يتعرضون لموجة القتل المنظم، ودانَـت الأمم المتحدة أحدث موجات العنف التي تجددت مرةً أخرى، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين الأبرياء في بغداد. وأفادت مصادر أمنية وطبية بأن حصيلة ضحايا الهجمات التي استهدفت الابرياء ارتفعت إلى 91 قتيلاً بينهم 73 في تفجيرات متواصلة. ولا شك ان هذا التقرير الصادر عن منظمة الامم المتحدة، يتحدث عن يوم واحد لما أنتجته ماكنة الرعب في العراق، فما بالك عندما يتم الحديث بشكل يومي عن هذه الصناعة المرعبة، إن نزيف الدم مستمر على مدار الساعة، وان ازهاق الارواح لا يتوقف على مدار الساعة ايضا، كما تشير الوقائع يوميا، وكما توضح ذلك بالادلة الموثوقة، العديد من وسائل الاعلام المستقلة في داخل العراق وخارجه. السؤال هنا من هو المستهدّف من هذه الحرب المستمرة بلا توقف؟ هل المستهدف هو العملية السياسية فحسب؟ أم هل هي تصفية حسابات بين المتصارعين على السلطة والمناصب؟، أم لخلق صورة مربكة عن ضعف الحكومة وعجزها في ضبط الامن؟ وثمة الكثير من الاسئلة قابلة للطرح في هذا المجال. ولكن ألا نتفق على أن صناعة الرعب تهدف الى شل حياة العراقيين جميعا، وجعلهم في حالة تردد وخوف من ممارسة أعمالهم، وفي حالة عجز عن الخروج الى ساحات العمل والانتاج، ألا يمكن ان يكون الهدف هو إيقاف الحياة بصورة كليّة في العراق، حيث يختبئ الجميع في بيوتهم بسبب الرعب الذي يمكن ان يطالهم في أية لحظة؟. من الواضح ان موجات التفجيرات لن تعيق العملية السياسية، لأنها محمية بالدروع والمنشآت المحصنة، وهو امر واضح لمن يعمل على نشر الرعب، وما يثبت ان العملية السياسية لا تتأثر بالتفجيرات، هو طبيعة الاهداف المستهدفة بالعنف!!، لاننا نلاحظ ان الاهداف التي تستهدفها ماكنة الرعب، تتمثل بالمناطق الشعبية الرخوة غير المحمية وغير المحصنة، مثل الاسواق العامة والمدارس ومجمعات التسوق والمتاجر، وجميع الأماكن المزدحمة بالاشخاص (مثل مساطر) أو أماكن تجمع العمال، وهكذا نستخلص من طبيعة الاهداف التي يستهدفها الرعب، أن المستهدّف هو ارادة الشعب لشلّ الحياة فيه، ولا يمكن ان يكون الاقتصاد هو الهدف او العملية السياسية فقط، انما هدف صناعة الرعب واضح تماما للجميع. لهذا يستدعي الامر تحركا حكوميا رسميا واهليا شعبيا، لافشال هذا المخطط الخبيث، ونعني به شل ارادة الانسان، وزرع روح الخوف والتردد فيه، ومن ثم نشر الرعب في عموم مفاصل الحياة اليومية للشعب، وهذا ما تسعى الى تحقيقه ارادة الشر، وإلا كيف يمكن ان تحارب حكومة او عملية سياسية وانت لا تمسها بسوء، بل تستهدف الفقراء والضعفاء والشرفاء من الشعب في عمليات قتل منظمة ومخطط لها!!؟، إن الهدف من موجات العنف بات واضحا كل الوضوح، وعلى المعنيين فهم خطورة هذا الهدف، والتعامل معه على اساس كونه ارادة موت مقابل ارادة الحياة!.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here