“امرلي” حررتنا، قبل ان نحررها

0
1134

د. عادل عبد المهدي

تم فك الحصار عن “امرلي”.. بكل دلالات وبطولات العملية.. التي تمت بعد دعوات متكررة من المرجعية العليا، وبتعاون وتنسيق جدي بين ابطال القوات المسلحة وسرايا الحشد الشعبي والقوى العشائرية المحلية والبيشمركة وبغطاء جوي عراقي ودولي كبيرين.. فالمعركة مع “داعش” ليست بسيطة او قصيرة.. لكن العملية مؤشر بارز لتغير موازين القوى.. وبدء عمليات استعادة الارض والجمهور، تمهيداً لمحاصرة “داعش”وطردها.

لم تصمد مدينة اخرى محاصرة لمدة ثلاثة اشهر كما صمدت “امرلي”.. فالمدينة نظمت مقاومتها على شحة السلاح والعتاد.. ورغم الحصار الكامل.. فحرمت الماء والغذاء والدواء وابسط متطلبات العيش.. حرمت حقوق المتحاربين قديماً وحديثاً، الا مع “داعش” الكافرة باية شرعة سماوية ودنيوية. وفقه القتال فيه في اعدام الاسرى واسترقاق المسلمين وقتل الشيخ والراهب والطفل والمرأة وقطع الاشجار، وغير ذلك الشيء الكثير.

بنت المدينة سواترها ودفاعاتها.. وشكلت شبكتها الاغاثية والانسانية والصحية.. ورصت صفوفها ونهض شبابها ورجالها ونساؤها يدافعون عن مدينتهم.. بل يدافعون عن العراق كله.. والدين كله.. فـ”امرلي” هي في الحقيقة من حرر العراق.. فان كانت القوات قد دخلت بالامس الى “امرلي” وفكت الطوق عنها.. فان “امرلي” هي التي حررتنا وفكت الطوق عنا.

سقطت محافظات ومدن.. وهُزمت قوات وجيوش.. اما “امرلي” فصمدت رغم سقوط كل ما حولها.. ورغم صعوبة طرق امدادها.. صمدت بعزيمة اهلها.. لتعطينا البرهان ان “داعش” ليست اقوى منا، الا عندما نتخاذل ويأخذنا الرعب والخوف.. فـ”داعش” ليست اسطورة.. بل الاسطورة ما نخلقه في عقولنا وتصوراتنا، وهي في الحقيقة ما يزرعه اعلام “داعش” الذي يتضاعف مئات والاف المرات، بعد ان يضخم بقية الاعلام الصوت والصورة، بوعي وبدون وعي.. جيوش نابليون وهتلر هزمها “جنرال شتاء” في روسيا.. والقوى امام “داعش” يهزمها “جنرال رعب”.
“امرلي” لم تحررنا فحسب، بل وحدتنا ايضاً.. فعندما نظمت “امرلي” نفسها، نظمنا انفسنا.. فالدم ينتصر دائماً على السيف.. والمظلوم على الظالم.. والمعتدى عليه على المعتدي، شرط التصدي وعقد العزم على التضحية والموت دون القضية.. عندها يأتي نصر الله سبحانه وتعالى اولاً واخيراً.. وتتدافع عوامل النصرة.. وتتحد القوى حتى من المختلفين والمتنافرين.. فيصح قوله تعالى.. “اذا جاء نصر الله والفتح.. ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا.. فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا”.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here