تشكيل الحكومة.. سياسة الربح المتبادل، ولا غالب ولا مغلوب

0
798

د.عادل عبد المهدي

بدأت الكتل السياسية بالتفاوض، خصوصاً بين “التحالف الوطني” و”ائتلاف القوى الوطنية العراقية” و”التحالف الكردستاني”.. وهناك نظريتان ستحكم المفاوضات.
الاولى، وهي ما اعتدنا العمل به.. وتستند ليس فقط الى الاصرار على الحد الاعلى من المطالب بحجة مراعاة جمهور الساحة.. بل ايضاً التعامل مع الاخر كـ”عدو”، وليس كشريك.. والسعي لاضعافه ومنع تمكينه ما امكن..اما الثانية فتربط تحقيق مصالح طرف، بتحقيق مصالح الاخرين، وليس بمعزل عنهم.
خضنا تجارب فاشلة وقدمناخسائر كبيرة لاتباع المفاهيم البالية القائلة بارتباط الانتصار والربح بهزيمة وكسر الاخر.. رغم ما تبرهنه التجارب من عقم هذا الفهم.. وكلفه العالية.. فالحلول هنا وقتية.. وستنهار كل الارباح والمكاسب، وتتحول لاضرار وخسائر، عندما تتهاوى مباني السيطرة والتحكم.

قبل 2003 حاولت قيادات من جغرافيا معينة السيطرة لانفسهم..وبدا انهم يحققون النجاح في سياستهم، الى ان تغيرت موازين القوى والظروف، وعانت تلك الجغرافيا وسكانها من اوضاع تشتكي فيها الظلم والتهميش.. وبعد 2003 حاولت بعض القيادات من جغرافيات اخرى اتباع نفس السلوك، ولو في ظروف مغايرة وباساليب مختلفة، فسارت البلاد من ازمة لاخرى.. وانتشر الارهاب والعنف والطائفية والفساد.. ولم تربح اي من الجغرافيات وسكانها حقيقة.. والكل في وضع مميت وقلق.. والكل يخسر، وتضيع منه الفرص.. واذا ما ربح طرف فربحه مؤقت ومحدود. فالواضح من التجربة كلها انه لا ينفع هزم الاخر، مكوناً او شعباً.. فهذه حلول مؤقتة وهشة تجاوزها الزمن..والنجاح هو في هزم اعداء حقيقيين كالارهاب والعنف والظلم والفقر والجهل والمرض والتخلف.. اما شركاء الوطن فضمان حقوق طرف يكون بضمان حقوق الاخر.. وتحقيق قوة طرف يكون بتعزيز قوة الاخر.. ليخرج الجميع رابحين، فلا غالب ولا مغلوب.

سنكون متفائلين جداً ان طالبنا احلال هذه النظرة، ولا شيء غيرها، في المفاوضات الجارية.. لكننا نرى ان مستقبل كل الجغرافيات والمكونات، بل مستقبل العراق لن يضمن ما لم نبدأ بالتأسيس لهذا الفهم.. فالتعصب، دون احترام مصالح الاخرين، هو عدوان على النفس وخيانة لها قبل ان يكون عدواناً على الاخرين وخيانة لهم.. وان خداع الناس بالدفاع عن “الفلس” وتبرير خسارة “الدينار” هو اما جهل او نفاق. فالوطنية والاخلاص هما في تحقيق المكاسب الحقيقية والثابتة التي ينتفع منها الوطن وجميع الاطراف.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here