داعش – واحتلال الموصل.. الخطوة القاتلة؟

0
1436

د. عادل عبد المهدي
انتقال “داعش” من الانتحاريين والسرية والخلايا النائمة والحواضن والواجهات، الى احتلال الارض، والهجوم بجبهات والتحصن بمواقع واعلان “الخلافة”، تقدير خاطىء للظروف العراقية والاقليمية، رغم خطورة هجومها وضخامة الخسائر المترتبة. فقوتها ليست قتاليتها، وجمهورها، وبريق شعاراتها، وحسن سلوكياتها.. بل سريتها، وسرعة حركتها، والاغتيال والسيارات المفخخة والانتحاريين، وكل ما يثير الرعب الجماعي والذعر من المجهول.. لتنتشر في خيال الجمهور والسلطات اضعاف انتشارها كاعداد وقوى حقيقية.. فتبتز الناس فيستسلمون لها.. وتربك السلطات، فتلجأ للاعتقالات العشوائية والمداهمات والقتل، مما يخدم الارهاب ويوسع قاعدته.. فالرعب من المجهول هو الرعب الاعظم. وهذه قوة الارهاب يمارسها وهو تحت الارض، فان خرج للسطح، فسيخسر مقوماته، ويقوم بعملية انتحار ذاتي ليس الا.
هذه نتيجة الحركات السرية التي تعتمد الاغتيالات وبث الذعر. كـ”الخوارج” الذين وصفهم الامام (ع) بانهم يقولون “كلام حق يراد به باطل”، فقدم دمه الطاهر لمقاتلتهم.. و”الحشاشين” (لتناولهم الحشيشة فيتجرأون بها، ومنها اشتقت Assassin).. وبلوغهم اوج قوتهم بسريتهم واغتيالاتهم، ورغم انها بحدود 50 اغتيالاً، ومنهم الوزير “نظام الملك”، لكن ما اثارته من ذعر وتداعيات هدت اركان الامبراطورية انذاك.. وحركة “نارودنايا فوليا، قوة الشعب” الروسية واغتيالاتها وصولاً لمحاولة اغتيال القيصر، على يد “الكسندر اوليانوف” شقيق “لينين”.. ومئات الحركات، التي تنشر القتل والذعر، وتنتظر ردود الافعال المتعسفة لتعبىء الجمهور لمصلحتها.
بتوسعها الكبير واعلانها الخلافة، استنفرت “داعش” من القوى والعوامل ضدها اكثر مما كسبت.. وسيكتشف المتحالفون معها بطلان مواقفهم.. وسيجدون انفسهم في موقف تصادمي.. فـ”داعش” ليست مشروعاً سياسياً يقبل الشراكة.. ومطية يركبها لمآربه ثم يتخلى عنها.. وعكسه صحيح.
استغلت “داعش” التجاوزات والاعتقالات والقتل والفساد وضعف البنى ونقص الخدمات، والتذمر الجماهيري والشحن الطائفي والخلافات السياسية، فعشعشت وسط بيئة سياسية ومدينية وعشائرية شجعتها في عملياتها.. لكن فتوى الامام السيستاني واستنهاض قوى الشعب والقوى الامنية.. والدعوات التي نرجو ان تكون جادة لحكومة وحدة وطنية وشراكة حقيقية.. والتخلي عن السياسات الخاطئة والطائفية.. ستكون قاسية على “داعش”، ناهيك عن تحرك العوامل الاقليمية والدولية ضدها.
سيجد “الداعشيون” ان اقسى واهم معاركهم ستكون مع ابناء مذهبهم وسكان مناطقهم.. وستنطلق القوى المناهضة لهم من بينهم، وحولهم، ومن خصومهم واعدائهم. فـ”داعش” بعدوانيتها وتطرفها توحد خصومها، وتعبىء القوى ضدها.. وتكشف السياسات الخاطئة وتدفع الامور للسياسات الصائبة.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here