واشنطن بوست: المالـكي سيواجه تحديـا لتشكيل الحكومة وقوائـم السنّة محبطة من النتائج

0
565

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يوم الأثنين، نتائج الانتخابات البرلمانية، وظهر ائتلاف المالكي “دولة القانون” كأكبر فائز فيها، وبهذا فانه يقترب من الفوز بولاية ثالثة كرئيس للوزراء. الآن يواجه المالكي تحديا لتشكيل تحالف حاكم مع الكتل الأخرى مع تصاعد العنف وعدم الاستقرار ، وهذه العملية قد تستغرق شهورا. وجاءت الكتل الشيعية المنافسة ثانيةً في حصد الأصوات، وجاءت الكتل السُنية على إثرها مع تصاعد الاستقطاب في البلاد على خطوط طائفية وعرقية. وهذا المشهد يزيد من احتمال اعتماد الحكومة القادمة على قاعدة شيعية أضيق من القاعدة الحالية، ما يراه السنّة تحيزا ضد طائفتهم ويراه الكرد معاديا لمساعيهم في كسب المزيد من الاستقلال في الشمال.

ولا يتوقع ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي ضمان أغلبية 165 مقعدا في البرلمان المكوّن من 328 مقعدا، لكن مازال على المالكي التواصل مع بقية الأطراف لتشكيل تحالف أغلبية أوسع للحصول على أسبقية تشكيل الحكومة. ومع ذلك فان المقاعد البالغة 92 التي تجاوزتها كتلته تزيد من فرصه في التمسك بالمنصب الذي وصل اليه عام 2006 بشيء من الغموض .

هذه الانتخابات هي الثالثة التي تجري منذ الاجتياح الأميركي عام 2003، وتأتي في لحظة خطيرة بالنسبة للعراق مع غرق البلد مرة اخرى في دائرة وحشية من الاقتتال الذي أودى بحياة اكثر من 8800 شخص خلال العام الماضي لوحده. حيث يتأجج العنف الطائفي، الذي سبق ان مزّق العراق في 2006 و2007، بسبب الانقسامات العميقة في الداخل بالإضافة الى الحرب الأهلية الدائرة منذ ثلاث سنوات في سوريا.

ويشعر السنّة بالتهميش على يد حكومة المالكي منذ قمع حركة الاحتجاجات التي كانت تطالب بالإصلاح خلال العام الماضي. وفي نفس الوقت، يسيطر المسلحون على مدينة الفلوجة وغيرها من جيوب محافظة الأنبار وينفذون هجمات منسقة بعناية في العاصمة ضد تجمعات جماهيرية. ويقول النائب السنّي رعد الدهلكي ان “نتائج الانتخابات غير مرضية للسنّة، وكانت دون توقعاتنا. اعتقد ان العنف في محافظة الأنبار قد لعب دورا في هذه الخيبة الانتخابية، حيث ان الكثير من الناخبين السنّة لم يتمكنوا من الاقتراع بسبب العنف هناك. المرحلة التالية في العراق ستكون صعبة لأن الكثير من أبناء الشعب فقدوا الأمل في التغيير الحقيقي” .

في هذه الانتخابات تنافس 9 الاف مرشح من انحاء البلاد على المقاعد البرلمانية. ويقول مسؤولو الانتخابات ان 62 % فقط من الناخبين المؤهلين للاقتراع والبالغ عددهم 22 مليونا شاركوا في الاقتراع كما حصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2010. وأوضحت مفوضية الانتخابات ان ائتلاف دولة القانون كان في المقدمة في عشر محافظات من بين 18 محافظة.

وجاءت كتلة “المواطن” التي يتزعمها السيد عمار الحكيم ثانيةً بـ 29 مقعدا، تليها كتلة رجل الدين مقتدى الصدر “الأحرار” بـ 28 مقعدا. وكما كسب حزبان صغيران من مؤيدي الصدر ما مجموعه ستة مقاعد اضافية ومن المحتمل ان ينضما الى الأحرار في تحالف أوسع.

وحصلت كتلة رئيس البرلمان أسامة النجيفي “متحدون” على 23 مقعدا، وكسبت القائمة “الوطنية” برئاسة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي 21 مقعدا، بينما حصل “ائتلاف العربية” برئاسة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك على 10 مقاعد. وكانت تلك خيبة أمل للسنّة.

ففي 2010 حصلت كتلة علاوي على مقاعد اكثر من دولة القانون الا ان المالكي بقي في السلطة بعد أشهر من الجدال السياسي. الا ان الحركة السُنية أخذت بالانقسام منذ ذلك الحين. ويتوقع عزيز جابر استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية تصاعد العنف اذا ما شعر السّنة باستبعادهم عن الحكومة من قبل المالكي والأحزاب المتحالفة معه. ويقول “النتائج الضعيفة للسنّة ستعزز المتمردين الذين كانوا يقولون ان الانتخابات والسياسة مضيعة للوقت، حيث سيكون الداعون لمقاطعة الانتخابات منذ البداية في موقف أفضل الآن وسيبذلون جهدهم للاستفادة من تراجع السنّة “.وقدمت السفارة الأميركية في بغداد نصائح لمفوضية الانتخابات وللمرشحين والقوات الأمنية والناخبين في العملية الانتخابية، حيث قالت “مع اتجاه العملية الى تشكيل الحكومة، نهيب بكافة الكيانات السياسية ان تقوم باجراء المحادثات بروح التعاون واحترام رغبة الناخبين”. ومن المحتمل ان تستغرق المفاوضات لاختيار حكومة جديدة عدة اسابيع ان لم تكن أشهرا. لقد استغرق تشكيل الحكومة السابقة تسعة أشهر. وحتى في ذلك الحين، فشل النواب لسنوات في الاتفاق على المرشحين للوزارات المهمة الدفاع والداخلية، فاحتفظ المالكي لنفسه بدور وزير الداخلية بالوكالة حتى هذا اليوم. وبموجب الدستور العراقي، على الرئيس ان يطلب من البرلمان عقد اجتماع بعد 15 يوما من المصادقة على نتائج الانتخابات. وعانى الطالباني من جلطة أواخر 2012 ، وانسحب الى حد كبير من الحياة العامة لكن من غير المتوقع ان يؤخر عملية تشكيل الحكومة .

ومن جانبها قالت صحيفة ديلي ستار ان السفارة الأميركية في بغداد وبعثة الأمم المتحدة في العراق رحبتا بنتائج الانتخابات و قالت واشنطن ان الانتخابات تمثل “شهادةً على شجاعة ومرونة الشعب العراقي، وعلامة أخرى على التطور الديمقراطي في العراق”.

ومنذ اسابيع والأطراف السياسية في البلاد تعقد الاجتماعات وتناور في مسعى لتشكيل تحالفات ما بعد الانتخابات، الا ان تشكيل الحكومة الجديدة من المتوقع ان يستغرق أشهرا. وكما في الانتخابات السابقة، فمن المتوقع ان تلتقي الكتل الكبيرة للاتفاق على اختيار رؤساء الحكومة والجمهورية والبرلمان مرة واحدة. بموجب اتفاق الأمر الواقع في السنوات الأخيرة، يكون رئيس الوزراء من العرب الشيعة ورئيس الجمهورية من الكرد ورئيس البرلمان من العرب السنّة.

ويشكو الناخبون من الطاقة الكهربائية الضعيفة وخدمات التصريف الصحي ومن الفساد المستشري ومعدلات البطالة العالية وأمور أخرى، الا ان الحملة الطويلة التي سبقت التصويت ركزت على سعي المالكي لولاية ثالثة حيث ان منتقدي المالكي يتهمونه بدمج السلطة خاصة في القوات الأمنية، ويلقون اللوم عليه في التدهور الأمني الحاصل منذ عام وفي عدم تحسّن نوعية الحياة. وتأتي الانتخابات وما بعدها وسط موجة من العنف ما يثير مخاوف من انزلاق البلاد الى صراع شامل سبق أن أودى بحياة الآلاف .

ويواجه المالكي معارضة قوية في المنطقة الغربية ذات الأغلبية السُنية و في الشمال الكردي، حيث ان منافسيه هناك يصرون على عدم الموافقة على ولاية ثالثة. من جانبه ، يلقي المالكي اللوم في موجة الاضطرابات على عوامل خارجية مثل الحرب في سوريا ويقول ان شركاءه في الحكومة يطعنون به علنا ويعرقلون مساعيه التشريعية في البرلمان.وتخللت الانتخابات هجمات على المرشحين وعلى الحملات الانتخابية بالإضافة الى ادعاءات بسوء الممارسة، حيث ساهمت بانخفاض نسبة المشاركة في بعض المناطق السُنية.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here