الولاية الثالثة..

0
794

عادل عبد المهدي
الموضوعة بعيداً عن الشخصنة والانتخابات، تمثل جوهر النظام الذي ضحينا ونضحي لبنائه.. اي النظام الديمقراطي، وتداول السلطة، ومنع الاستئثار بها، واستغلالها، وتعطيل بناءاتها الدستورية المتكاملة. سألني قبل سنوات عالم جليل.. لم تمنعوا الولاية الثالثة بنص دستوري، حال رئيس الجمهورية؟ كان اجتهادي ان الاخير يعفى بعد ادانته من “المحكمة” بـ”الحنث في اليمين، وانتهاك الدستور، والخيانة العظمى”. وهو “رئيس الدولة” والضامن لـ”الالتزام بالدستور”، ودوره اشرافي.. فكيف برئيس مجلس الوزراء، “المسؤول التنفيذي المباشر”.. فيمكن نزع الثقة بالاغلبية المطلقة للبرلمان، في اي وقت، وموضوع (بعض الدول تحدد فترات 3-6 اشهر لمنع ارباك النظام). لكن التجربة برهنت ان التنفيذ لدينا ما زال اقوى من التشريع، خلافاً للدستور.. فسعت الاغلبية البرلمانية بتحديدها بولايتين.. فعرقل الامر بالذرائع الشكلية، ولم يؤخذ باستدلاته الدستورية والتاريخية.

فالبناء الدستوري لدينا يشبه بناءات الدول الاخرى عند تعاملها مع “رئيس الدولة” و”المسؤول التنفيذي المباشر” سواء في نظام برلماني او رئاسي. وباختلاف الطرق، تضع النظم المسؤول التفنيذي امام يمينه الدستوري وضميره المهني والوطني.. ولا تمنحه تفويضاً مفتوحاً، وتمنع ذلك بالمدد القانونية، بالرأي العام.. بقرار من الملك، الولي، رئيس الدولة، تصويت البرلمان.. قرار المحكمة.. والاستقالة، الخ.

فيستقيل رئيس وزراء كوريا الجنوبية السيد جونج وون، ويخرج باكياً ويتلقى صفعة من مواطن لغرق “عبارة” وموت مئات الطلبة، دون تقصير مباشر منه. وتعفى رئيسة وزراء تايلند السيدة ينجلوك شيناياتر بقرار المحكمة لنقلها موظف بشكل غير قانوني.. وتقيل ايران رئيس جمهوريتها الاول في اقل من عام ونصف.. وتحدد الولاية بدورتين، ولم تقبل بتغييرها في اصعب الظروف.. ويحدد الدستور التركي دورتين للرئيس، ولا يحددها لرئيس الوزراء، فيقوم الحزب الحاكم نفسه (العدالة) بتحديدها.. ولم يحدد الدستور الامريكي (1787-1791) الولايتين، لكن الرؤساء انفسهم التزموا بها.. وخالفهم “روزفلت” (1940)، فجاء التعديل 22 للدستور (1951) وحددها بولايتين. ويقول الرئيس “جيفرسون” (1807): “ان آماد بعض الرئاسات ان لم تحدد من قبل الدستور، او الممارسة العملية، فان دورة الاربع سنوات ستصبح لمدى الحياة”، والامثلة كثيرة.الولاية الثالثة بعيداً عن الشخصنة ستعني الرابعة والخامسة وهلمجرا.. فها هو المناضل الكبير “بوتفليقة” الذي كافح واخوانه الفرنسيين.. يستخدم مكانته وسمعته وقدرات الدولة للتجديد للدورة الخامسة، رغم مرضه الشديد. “بوتفليقة” ومع كامل احترامنا وتقديرنا، اساء لتاريخه، ولبلد المليون شهيد.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here