الانتخابات.. ننتصر وينتصرون، وليس نخسر ويخسرون

0
764

عادل عبد المهدي

هناك تيار قوي يفكر ان النجاح شرطه دحر الاخر.. فالاخر يستعبده ويسترقه.. ويستعمره وينهبه.. ويستبد به ويسرق حريته ويسجنه ويقتله ولا يترك له حقاً او حرية يتمتع بها..

فمنذ فجر التاريخ والامم تتصارع لتستعبد وتنهب بعضها الاخر.. والجبابرة والسلاطين يتحكمون برقاب الناس.. لذلك كان صحيحاً ان شرط الصراع السياسي الاساس هو ان الربح لطرف لا يتحقق الا بهزيمة الاخر واقصاءه واذلاله، بل ازالته من الوجود.
تلاشت العبودية قانوناً وممارسة، فلم يعد انسان يملك انساناً يسترقه ويملك رقبته، رغم اشكال مبطنة لم يُقضَ عليها تماماً.. وادانت الشعوب الاستعمار وتحررت منه وهو يأخذ طريقه للزوال واخره الاستعمار الاستيطاني في فلسطين وبعض اشكال الهيمنة هنا وهناك.. وتنهار الدكتاتوريات وتنتصر الشعوب تباعاً.. فالعالم يشهد تغيرات نوعية على الصعد العلمية والانتاجية والتنظيمية والصحية والحقوقية وفي علاقات الانسان بالانسان والامم بالامم. ولم تعد الشعوب جماعات متباعدة تتقاتل على مصادر عيش هشة وقليلة، بل نمت الموارد وازدادت اواصر الشعوب وعلاقاتها وتداخلت مصالحها بحيث بات من الصعب ان يعيش شعب بمعزل عن غيره.. مما يدفع –برغم الخلافات والعداوات- للعمل المشترك والمنافع المتبادلة التي لا بديل عنها لمواجهة تطورات وتحديات الحياة. فالتقديرات تقول ان البشرية احتاجت 10000عام ق.م. لتنمو من 4 مليون الى 170 مليون انسان في العام الاول الميلادي.. واخذت فقط 100 عام لتنمو من 1.5 مليار في 1900 لتبلغ حوالي 7 مليار الان.. الذي سيتضاعف بدوره خلال 6 عقود فقط.

فالصراع النافي للاخر بين البشر وفيما بين الامم يتراجع. فمنطق قتلي شرط لبقائك.. وخسارتي شرط لربحك يتراجع ليحل تدريجياً منطق التعاون والمشاركة الذي يمكن ان يجلب منافع وفوائد متبادلة للجميع. فمنطق اتقدم وتتقدم هو منطق المستقبل رغم كل مقاومات وعوائق الماضي.. وعلى نخبتنا الفكرية ان تضع نفسها في تيارات هذا التوجه الذي لا بديل له لنهضة الشعوب وبقاء البشر.. فالاعداء هم فقط من يريدون القضاء على الحياة كالفقر والجهل والمرض والارهاب وبقايا الاستعمار والاضطهاد واعداء الطبيعة والبيئة.. وعدا ذلك كلهم اخوان في الدين او نظراء في الخلق. ويمكننا ان نتقدم جميعاً.. فتتداول القدمان المشي.. فتتقدم اليمنى وتتراجع اليسرى، لتتقدم الاخيرة وتتراجع الاولى.. فالتراجع ليس نفي والغاء، بل شرط لتقدم ونجاح لاحق.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here