حلم .. دولة الانسان

0
600

موقع الامام الشيرازي

حققت البشرية إنجازات هائلة، في العديد من مجالات الحياة، وقد سبر الإنسان أغوار الفضاء، وغاص الى تحت قعور البحار، وتوصل لحقائق دقيقة عن الإنسان، إلا إن كل ذلك التطور العظيم، لم يوفر قدراً كافياً من الأمان ولا الرفاه، بل العكس قد حدث. ويُرجع أهل العلم والحكمة هذا الفشل العالمي في إنتاج نظام صالح، إلى قصور في الحكم وإدارة الدولة، حتى بات الإنسان على شك كبير بوجود حل لما يعيشه العالم من أزمات.

حكومة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) كانت تشمل ما يقارب خمسين دولة حسب خارطة اليوم، منها العراق ومصر والحجاز واليمن والخليج وإيران وغيرها، بالرغم من ذلك، وفر الإمام(عليه السلام) العدل والأمان والرفاه لكل شعبه. وسر بناء تلك الدولة، يبينه الإمام الشيراي فيقول(قده): (طبق الإمام(عليه السلام) قانون الإسلام بكامله، وقد قال الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله): (الأرض لله ولمن عمّرها). فكان الإمام(عليه السلام) يعطي الأرض للناس مجاناً، ثم يساعدهم من بيت المال لأجل إحياء الأراضي وعمرانها، وفي حكومته أيضاً، كانت التجارة والزراعة والصناعة وغيرها حرة، فكان الناس ينتفعون بمختلف المكاسب ويحصلون على الأرزاق الحلال، بالإضافة إلى ما كان يقسم عليهم الإمام(عليه السلام) من بيت المال، وبذلك كله تمكن الإمام أن يهيأ لعموم شعبه المسكن والرزق والماء، وهذا ما لم تتمكن منه أكثر البلاد المتقدمة اليوم التي ترى نفسها أنها وصلت إلى قمة الحضارة).

في حكومة الإمام(عليه السلام)، أ:/.7ضاً، تجلت العدالة بأروع صورها، وفي (قصة الدرع) مثال من مئات الأمثلة على ذلك، يقول الإمام الشيرازي(قده): (تحاكم الإمام(عليه السلام)، وهو الحاكم على أكبر دولة في العالم، مع يهودي من رعيته، في درع لبيت المال، ويحكم القاضي لصالح اليهودي، يدل على أن الإمام(عليه السلام) كان لا يفرط حتى بدرع واحد مرتبطة ببيت المال، وإن الإمام يترافع إلى القاضي، وإن كان طرفه يهودياً، يدل على أن القضاء مستقل، والقاضي لا يخشى أحداً، وهو يحكم ضد الحاكم الأعلى للبلاد، إذا لم تكن له البيّنة).

وكان من سياسة الإمام(عليه السلام)، أن جعل الحكم استشارياً، يحترم آراء الشعب، وقد ورد في (نهج البلاغة) أن الإمام(عليه السلام) قال: إن (من حقكم عليّ ــ يعني حق الناس على الإمام ــ أن تعطوني المشورة). أما حروبه(عليه السلام) فكانت كلها دفاعية، وكان الإمام(عليه السلام) يقتصر على أقل قدر ممكن من القتل، وبمقدار الضرورة القصوى فقط.

يقول الإمام الشيرازي(قده): (يعيش الناس في أمن ورفاه وسعادة وخير، في كلّ عهد إسلامي طبق الإسلام ولو في أصوله العامة. وللمثال على ذلك ما بينه الأستاذ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء(قده) في أول كتابه الثمين (كشف الغطاء)، حيث دخل إيران في أيام بعض الملوك القاجارية، الذين كانوا يطبّقون شيئاً من الإسلام في إيران، فبقي الشيخ في إيران مدة، وكان هو المرجع الأعلى للشيعة ذلك اليوم، يقول في الكتاب: (إني دخلت إيران ولم أر فيها باكياً ولا باكية ولا شاكياً ولا شاكية). فان التطبيق النسبي لقواعد الإسلام الكلّية ـ وإن لم يكن تطبيقاً كاملاً وبالمستوى المطلوب ـ من ذلك الملك القاجاري، سبب أن هذا العالم الكبير، العادل الورع، أستاذ الفقهاء، يعبّر عن وضعيّة إيران في ذلك اليوم بهذا التعبير، حيث كانت الحريات الإسلامية الموجبة للرفاه والسعادة تعم البلاد).

لقد نظّر وكتب في بناء (الدولة الصالحة) فلاسفة وعلماء القانون والدستور، وقد أريقت من أجل تحقيق (حلم دولة الإنسان) على أرض الواقع دماء، لكن المحاولات باءت بالفشل، ومازالت كل التنظيرات – الى اليوم – مجرد أماني، وقد أنجز الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام) دولة العدل والفضيلة والرفاه، يقول الإمام الشيرازي(قده): (كانت حكومة أمير المؤمنين(عليه السلام) مصداقاً لمنهاج الإسلام الصحيح، الذي يوفر رفاه الإنسان، ففي هذا الحكم النموذجي ما يدهش البشر في عصرنا الحاضر، وهنا يتبين السر في قول السيدة الزهراء(عليها السلام): (وطاعتنا نظاماً للملة)).

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here