متى يتعلم المسؤولون من أخطائهم؟

0
1093

علي حسين عبيدiraq-mud-roads1

عندما يتكرر الخطأ نفسه، بالطريقة نفسها وفي الوقت أو الموسم نفسه، فإن الخلل سيكون واضحا للجميع، وعندئذ لابد من تحرك المعنيين بالامر، نحو معالجة الاسباب التي تقف وراء ظاهرة تكرار الاخطاء.

نحن لا نتحدث هنا عن حالة فردية، ولا يتعلق الامر بأخطاء تمس أفرادا، فالخطّاؤون موجودون دائما، وقد يسعون الى تصحيح اخطائهم ويتعلمون ذلك مع الوقت، لكن الامر يتعلق بظاهرة أخطاء المؤسسات التي تقدم أعمالا وخدمات أساسية تهم حياة المجتمع.

لقد لاحظنا في الايام القليلة الماضية هطول موجات متعاقبة من الأمطار، وكانت الانواء الجوية المحلية والعالمية، قد أعلمتنا بذلك مسبقا، وكانت السنة الماضية قد قدمت للمعنيين من المؤسسات والمسؤولين، درسا مجانيا بخصوص الامطار والسيول التي اغرقت العاصمة وسواها من المدن العراقية، في موسم الشتاء الماضي، علما أن الاموال التي تم تخصيصها لأعمال الصرف الصحي والمجاري بلغت المليارات حسب تصريحات المعنيين لوسائل الاعلام، ومع ذلك يحل علينا هذا العام، لتغرق مدن وأحياء كثيرة بمياه الامطار، مع اضرار طالت الارواح والممتلكات الشحيحة اصلا للفقراء على نحو خاص.

السؤال الذي يحتاج الى إجابة دقيقة هنا، لماذا لم تقم الجهات المسؤولة (وزارة البلديات وما يتبع لها) عن تصريف مياه الامطار بواجبها، ولماذا لم تتخذ الاجراءات الكفيلة بدرء خطر المياه مع علمها المسبق بذلك، فضلا عن تجربة العام الماضي والامطار التي سقطت بغزارة واغرقت مناطق واحياء كثيرة في بغداد وسواها من المدن.

تُرى لماذا هذا الاصرار المتكرر على ارتكاب الخطأ، مع أن السبل التي تقود الى النهوض بالبنية التحتية حاضرة، فالتخصيصات المالية موجودة مسبقا في ميزانية السنة الماضة والسنة التي تلتها أي السنة الحالية، وقد أعلنت الشركات العالمية عن استعدادها التام في الاستثمار والعمل الدقيق في هذا المجال، تُرى من يقف وراء

تعويق الاجراءات العملية التي تقضي على العجز في شبكات الصرف الصحي، وما هي الاجراءات الفعلية التي قامت بها الدوائر الخدمية، والجهات المعنية لمعالجة هذا الخطر المتكرر في سنتين متتاليتين؟.

إن تأشير الاسباب واضح تماما للجهات المسؤولة، فالغرق الذي تعرضت له المدن العراقية، لا يحتاج الى عناء أو ذكاء كبير كي تُعرف أسبابه، كذلك لا تحتاج المعالجة أكثر من التخطيط والتنظيم والعمل بارادة حقيقية مخلصة، من اجل وضع وتنفيذ الحلول الجذرية لهذه المشكلة الخدمية التي تكررت اكثر من مرة على مدار سنتين، مع الاخطار المحتملة التي تسببت بها، فألحقت أضرارا ومخاطر وصلت الى إزهاق ارواح الناس لاسيما الفقراء منهم، فضلا عن ممتلكاتهم البسيطة مثلهم.

إن تكرار هذه الاخطاء بصورة مستمرة على مدار السنتين الماضيتين، يدل بصورة واضحة على إهمال للمواطن غير مقبول بتاتا، وهذا يقع على عاتق الجهات الادارية والخدمية المعنية، كما انه مؤشر عن ضعف الجهات التخطيطية والتنفيذية على حد سواء، وحتى القضائية التي لا تستطيع أن تحاسب المسؤولين، عمّا يحدث للشعب جراء الظروف الجوية التي لم تكن أسوأ مما تتعرض له دول اخرى، قد تكون اقل ثروات واموالا من العراق الذي فاقت ميزانيته التوقعات، بسبب تصاعد وتيرة تصدير النفط سنة بعد أخرى، ولكن من دون أن يلمس الشعب تحسنا جذريا في الخدمات، بل هناك تراجع واضح لاسيما ما يخص شبكات تصريف المياه، والدليل غرق المدن والاحياء نتيجة لموجة امطار كان يمكن السيطرة عليها بسهولة، لو ان المسؤولين عن ذلك يمتلكون الضمير والانسانية واخلاق العمل، كونهم يستلمون أموالا عن وظائفهم، يطعمون بها انفسهم واطفالهم!.

إن ظاهرة عدم التعلم من اخطاء الامس، تقف وراءها ظاهرة اشد خطورة، وهي ظاهرة اللامبالاة وعدم احترام المسؤولين للشعب، فضلا عن الفساد والتجاوز على المال العام، وأخيرا .. فالحكومة والجهات التشريعية تمتلكان القول الفصل في هذا المجال، كما أن التعامل بحزم مع المقصرين، هو الطريق الوحيد الذي يدفع المهملين اللامبالين كي يتعلموا من أخطائهم.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here