سي ان ان: دبلوماسي سعودي يدعو واشنطن للتوسط بين بغداد

0
784

رأى محلل سعودي أن على الولايات المتحدة السعي إلى تشجيع العراق والسعودية على تجاوز خلافاتهما وتهدئة التوترات فيما بينهما لان هذين البلدين في موضع الطليعة لبقية بلدان المنطقة.iraq_1

وقال فهد ناظر، الذي عمل كدبلوماسي سعودي لدى واشنطن في تعليق نشر على موقع شبكة سي ان ان، انه بينما يحتار مراقبون عديدون إزاء سياسات الرئيس باراك اوباما في الشرق الأوسط، فهناك على الاقل شيء واحد واضح، الا وهو ان ادارة اوباما ملتزمة بالدبلوماسية. فلا تسعى واشنطن الى اعادة وضع عملية السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني الى مسارها الصحيح فقط، بل انها منخرطة في مفاوضات مع ايران بشأن برنامج طاقتها النووية على الرغم من وجود بعض الشكوك الجدية المحيطة بهذه المفاوضات في الكونغرس.

وبينما يجري هذا كله، حاول وزير الخارجية الاميركي جون كيري، في الاسبوع الماضي، رأب الصدع مع المملكة السعودية، التي أعربت هي نفسها عن استيائها ـسرا وعلانية على حد سواءـ من الإيقاع البطيء الذي تسير به عملية السلام، وسرعة ايقاع المحادثات مع ايران، وما تراه تراجع الولايات المتحدة عن الوضع في سورية. لكن كيري المشغول اصلا ينبغي ان يضيف موضوعا جديدا على قائمة مهامه الا وهو حث السعودية والعراق على طي صفحة علاقاتهما الثنائية الاكثر توترا على مدى سنوات.

ورأى ناظر ان العلاقات السعودية ـ العراقية تعقدت. بسبب سلسلة من الانقلابات العسكرية التي شهدها العراق وادت الى تعزيز سلطة حزب البعث في العام 1968، وعلى الرغم من هذا النظام “العلماني” العسكري لم يكن حليفا طبيعيا للملكة السعودية المحافظة، فقد اصطف السعوديون مع صدام حسين في حربه التي دامت ثماني سنوات ضد ايران.

 

لكن على الرغم من الدعم الذي قدمته السعودية للعراق خلال تلك الحرب، فقد تغير كل شيء عندما اجتاح صدام الكويت في اب من العام 1990 وحشد قواته على الحدود السعودية. وقد يكون من الصعب العثور على لحظة اخرى في تاريخ السعودية حيث وجد السعوديون انفسهم تحت تهديد وشيك لأمنهم كما كان عليه حالهم في الشهور بين الغزو وبدء عملية “عاصفة الصحراء” بقيادة الولايات المتحدة، تلك العملية التي ادى السعوديون دورا كبيرا فيها.

وبعد اكثر من عقد من الزمان بقليل، وفرت السعودية دعما محدودا للغزو الأميركي للعراق في العام 2003، على الرغم من خوف السعودية من ان إزالة صدام من شأنها ان تعزز نفوذ ايران في المنطقة، ومن بينها العراق.

وخلف دور السعودية في هذه التدخلات علاقات متوترة مع بغداد، وعلى الرغم من ان السعودية سمت سفيرا لها لدى العراق في العام الماضي، الا أنها لم تفتتح سفارة حتى الآن في بغداد، بل بدلا من هذا طلبت من سفيرها لدى الأردن بتأدية دور سفير غير مقيم لدى العراق.

وفي الشهر الجاري، برزت التوترات الحادة الى العلن عندما صرح رئيس الوزراء العراقي ان الحكومة الوحيدة في المنطقة التي للعراق مشكلات معها هي السعودية.

وقال المالكي ان “السعودية اختارت الا تكون صديقة للعراق. وعلى العكس، العراق يريد علاقات صداقة مع السعودية”، مضيفا “ليس لدينا اي مشكلات مع اي احد باستثناء السعودية. وكلما حاولنا حل مشكلاتنا معهم، نسمع تصريحات سلبية.”

وخلال زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة، اكد المالكي ان هزيمة القاعدة هدفه الاكبر، وهي ملاحظة تؤشر مصدر توتر اخر ـ بسبب الدعم السعودي المزعوم للعمليات الإرهابية.

وغالبا وطالما اتهم مسؤولون عراقيون السعودية بتمويل القاعدة في العراق، لكن على الرغم من توجيه اصبع الاتهام الى افراد اثرياء ومنظمات خاصة في بلدان الخليج العربية، فليس هناك دليل يشير الى الحكومة السعودية تدعم عن علم تنظيم القاعدة في العراق.

صحيح ان العراق، وكما هو الحال مع سورية، واحد من مجالات عدة يجد السعوديون والإيرانيون انفسهم فيها في مواقف سياسية متواجهة. لكن على الرغم من تنافسهم الجاري على التفوق الإقليمي، يظهر ان الجانبين يتفهمان المقاييس التي تجري في حدودها “اللعبة”، وهناك فعلا تعامل براغماتي كبير لدى كلا الجانبين.

المشكلة في العلاقات السعودية ـ العراقية هي ان قواعد لعبة كهذه ما زالت قيد التشكل بالنسبة لهذين البلدين، الامر الذي يعني انه بينما تجري علاقات السعوديين مع ايران في مسار بارد الا ان من الممكن التنبؤ به، فان علاقات الرياض وبغداد ادت الى وضع لا يمكن التنبؤ به يخاطر بوضع حسابات غير صحيحة بنحو خطير لدى كلا الجانبين.

وحقيقة ان السعودية هي دولة الوضع الراهن التي تعول كثيرا على الاستقرار، الا ان الاطاحة بالنظام العراقي السابق فسحت المجال الى قيام حكومة هي بحق جزء من نظام الشرق الاوسط الجديد (كحال حكومات الربيع العربي). وهذا يشير الى ان الكيفية التي تتطور بها العلاقات السعودية ـ العراقية يمكن ان تكون طليعة لبقية بلدان المنطقة.

واختتم الكاتب السعودي تعليقه بالاشارة الى ان رئيس الوزراء العراقي قال السبت الماضي ان الولايات المتحدة تتوسط بين البلدين. فاذا كانت الولايات المتحدة تريد تجنب رؤية نقطة ملتهبة اخرى في الشرق الاوسط، فعليها بذل كل ما بوسعها لتشجيع هذين البلدين على حل خلافاتهما وانهاء شكوكهما بطريقة ودية.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here