يا مطر كُنْ برداً وسلاماً على العراقيين !

0
807

زاهر الزبيدي 

غريباً جداً ان يكون المطر يوماً ما مصدر بؤس وشقاء على العراقيين بعد أن كان التمني جل دعائنا في هطول المطر للتقليل من العواصف الترابية وإيقاف تمدد التصحر على أراضينا الزراعية التي أنهكتها الرمال المتحركة ، وما صدر من تقارير عالمية توقعت فيها جفاف الرافدين بحلول عام 2040 م ، وكل هذا المطر ، الخير ، الذي ملئت منه خزانات العراق الكبيرة ؛ أصبح الخوف والتوجس منه ومن الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء العالمية عن موجات مطر فيضانية تربك الشارع العراقي بشكل كبير حتى لأصبح التحسب له كما التحسب لحرب ستقع وستقطع الطرق وتغلق المحال التجارية ويصبح التنقل مجزعاً مؤلماً لكل خطوط النقل .

أنه أمر عجيب حقاً فبعد مرور سنوات عدة وصرف مبالغ كبيرة كموازنات لمحافظة بغداد أن لا تكون قادرة على وضع الخطط الكفيلة بإنهاء هذا التوجس الكبير لدى أبناء شعبنا من المطر الذي من المفترض أن يكون مدعاة غبطة وسرور ، فقد ساهمت الخطط المتخلفة وعدم وجود الرؤية الحقيقية لواقع العاصمة وغياب قابلية التوقع والتحسب الكبير بعد كل التجارب المضنية التي مرت بها العاصمة مع مياه الأمطار ؛ في تزايد هذا الشعور لدى العراقيون وتفاقم تأثيره عليهم .

نحن لازلنا بحاجة كبيرة للتخطيط السليم والتوقع الصحيح ونحتاج الى شركات عالمية كبرى تتولى تنفيذ مشاريعنا الكبيرة في هذا المجال وأود أن أشير هنا الى أن الشركات الكبرى في العالم تتمنى المجيء للإستثمار في العراق ولكنها تحتاج فقط الى البيئة الآمنة الخالية من الفساد وتلك إحدى أهم معاضلنا اليوم ، تحتاج الى التحدث مع فنيون متخصصون على درجة عالية من الحرفية في التخصص ويمتلكون القابلية على أن يوضحوا الصورة الحقيقية لواقع العراق من حيث شبكات المجاري وتصريف مياه الأمطار لتتمكن تلك الشركات الرصينة أن تضع قدمها في العراق ونحن على يقين تام بأن تلك الشركات الكبرى سوف لن تقبل على نفسها أن تتعامل بالرشى في سبيل التغطية على أخطاء قد تضر بسمعتها التي تبغيها دائماً فوق الشبهات ، لنقطع بذلك دابر الفساد بتعاملنا معها.

علينا أن لانترك مصير العراق بيد تلك الشركات المحلية التي تتهاوى أمام أقل فرصة تتاح لها للتهرب من مسؤوليتها وهي تبحث دائماً عن أصغر منفذ ليوفر لها مبالغ إضافية على حساب نوعية ما تقدمه من خدمات أو أن تكون من الشركات التي تنتهز الفرصة للهرب بمبالغ الدفعات الأولية الكبيرة والتي قد تصل إحياناً الى نصف قيمة العقد .

إن الشفافية المطلقة من أهم عناصر محاربة الفساد في المشاريع التي تقيمها كل الوزارات ، فلغاية اليوم وقد مرت سنين على إنعقاد مؤتمر القمة العربية في العراق تظهر مؤشرات فساد وتشّهر بها القنوات الفضائية لتحيل المساحات الإستثمارية في العراق الى الحظيظ وتجعل منه بيئة طاردة للإستثمار تتجنبه الشركات الكبرى التي نبغيها، وما نقصده هناك من شفافية مطلقة هو أن تعلن أسعار العقود التي تعاقدت عليها الوزرات حال توقيعها ليكون الشعب كله على علم بمن ترسو عليهم مناقصات تلك المشاريع الكبيرة ـ فمثلما أعلنت المناقصات تعلن بعدها الأسعار التي رست بها وبذلك نجعل شعبنا أمام صورة حقيقية ليكون الشاهد على تلك العقود فقد تظهر لنا مؤشرات سلبية عن تلك العقود بعد أيام من إعلانها لنضع بعد ذلك مؤشراتنا عليها ومعرفة الخلل في التعاقدات .

والفيضانات التي تطال مدن العراق اليوم ليست سوى ناتجاً طبيعياً للفساد والتلكؤ في تنفيذ المشاريع وستأتي نتائج أخرى لم ندخلها اليوم في حساباتنا ولكنها ستظهر يوماً بعدما يضيع المقاولون في العالم ونتيه نحن في فرط المياه الأسنة .. يا مطر كن برداً وسلاماً على العراقيين ! حفظ الله العراق .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here