قطر وكأس العالم… رياضة على حساب حقوق الانسان

0
641

بطولة كأس العالم لعام 2022 التي فازت بها قطر، لاتزال محط اهتمام الكثير من المؤسسات الرياضية والإعلامية والحقوقية حول العالم، فبعد ملفات الفساد والشبهات بدفع الرشاوى للحصول على امتياز تنظيم مونديال 2022, ومشكلة تحديد الوقت الخاص بإقامة مونديال كأس العالم والتي لاتزال موضع خلاف دولي بسبب المناخ والارتباطات الرياضية الاخرى، تواجه قطر اليوم انتقادات جديدة تتعلق بأوضاع وظروف العمال اتت على خلفية تقرير خاص نشرته صحيفة الغارديان البريطانية والذي اثار موجة تشكيك عن احوال وظروف العمال الوافدين العاملين في قطاع الانشاءات في هذا البلد خصوصا بعد وفاة 44 عامل بسبب ظروف العمل. وهو ما قد يسهم بأحراج قطر ويتسبب بسحب ملف البطولة وتحويلة الى دولة اخرى كما يقول بعض المراقبين، وفي هذا الشأن فقد دعت منظمة العفو الدولية قطر التي تتعرض لانتقادات بسبب اتهامات ب”التشغيل القسري”، الى وضع حد لممارسات الاستغلال التي تطال العمال الوافدين عبر تعزيز حمايتهم وتطوير قوانين العمل.

وقال جيمس لينش الباحث في المنظمة لشؤون العمال الوافدين في الخليج ان القوانين الحالية التي تنص على حماية حقوق العمال لا يتم تطبيقها، فيما هناك حاجة الى اصلاحات في القوانين. وقال لينش نرى ان اجتماع عدة اشكال من الاستغلال في بعض الحالات التي قمنا بتوثيقها، يجلع يرقى الى التشغيل القسري. وذكر لينش ان نتائج التحقيقات التي اجرتها منظمة العفو الدولية من خلال قضاء عدة اسابيع في قطر، سيتم نشرها في تقرير خاص.

وقال لينش يبدو للأسف ان الاستغلال بات امرا عاديا بشكل مثير للقلق في قطاع الانشاءات بحسب ابحاثنا. واضاف في بعض الحالات، تجتمع عدة حالات من الاستغلال، وهذا يرقى للعمل القسري. وشدد لينش على ان مسؤولية حماية العمال من التجاوزات تقع على الحكومة، مشيرا الى ان المنظمة رفعت نتائج ابحاثها الى السلطات القطرية وهي تنتظر ردا وشيكا.

وبحسب لينش، فان اشكال الاستغلال تتضمن مصادرة جوازات السفر ومنع العمال من السفر وحجز الرواتب لفترات طويلة وفرض عقوبات مالية على الغياب عن العمل. وقال الباحث ان 90% من العمال الذين يتقاضون رواتب منخفضة يقولون ان جوازاتهم قد صودرت، واشار الى ان منظمة العفو تمكنت من استجواب عدد من العمال من دول جنوب آسيا في قطر.

واكد لينش انه يتعين على السلطات القطرية ان تطبق القوانين السارية حاليا والتي تنص على تحديد ساعات العمل وتأمين اقامة لائقة واتخاذ تدابير لحماية الصحة والسلامة ولضمان دفع الرواتب كل شهر. وقال هناك بعض العناصر في قانون العمل التي يتم التغاضي عنها، وهي اذا ما طبقت ستعزز بشكل ملموس وضع العمال في قطر. وبحسب لينش، فان شركات الانشاءات تتحدث عن هذه القوانين على انها اختيارية.

في المقابل، يتعين على الحكومة بحسب لينش ان تعيد النظر في قانون العمل، لاسيما في نظام الكفالة الذي يسمح لأرباب العمل بمنع العمال من تغيير عملهم او مغادرة البلاد، وذلك عبر رفض منحهم تصريح خروج. وقال الباحث نريد تطبيق اصلاحات اساسية في نظام الكفالة، وتصريح الخروج هو العنصر الاساس في هذا السياق. ويشكل وضع العمالة الوافدة الصعب مشكلة في سائر دول الخليج الغنية، الا ان بعض هذه الدول اعتمد انظمة لمراقبة وضع العمال لاسيما لرصد عمليات دفع الرواتب.

من جانب اخر مُنع وفد نقابي دولي من اجراء زيارة مفاجئة لاحد ورش الانشاءات في قطر في اطار تحقيق يجريه حول وضع العمال الوافدين وقال مسؤول في الورشة للوفد النقابي لا يمكنني ان اسمح لكم بزيارة المنشأة من دون اذن مسبق. والورشة هي مشروع تشترك فيه شركتا ديار القطرية وفينسي الفرنسية للإنشاءات.

وردا على هذا المنع، الغى الوفد زيارة مبرمجة الى مدينة لوسيل، وهي مشروع عمراني ضخم يتم بناؤه شمال مدينة الدوحة وسيكون فيه الملعب الرئيسي لمونديال 2022. وقال عضو الوفد امبيت يوسون ان الزيارات المبرمجة لا تهدف الا لإظهار الافضل في قطر. وكذلك لم يتمكن الوفد من اجراء لقاء مع مسؤولي اللجنة المنظمة لمونديال قطر بسبب عدم ترتيب الزيارة بشكل مسبق. ونفذ الوفد النقابي وقفة احتجاجية امام مقر اللجنة مرددين بطاقة حمراء للفيفا. وفي اعقاب ذلك، تقرر ان يتم استقبال الوفد. وكان الوفد قرر زيارة قطر قبل نشر صحيفة غارديان البريطانية تقريرا اشار الى وفاة 44 عاملا نيباليا في قطر.

وتواجه قطر تحديا رئيسيا بحلول 2022 موعد تنظيم كاس العالم يتمثل في تجهيز انشاءات ضخمة كالملاعب و الفنادق وشبكة المترو وغيرها مما يستوجب مئات الالاف من العمال الاجانب الذين تترصد اوضاعهم منظمات حقوقية وتضعهم وسائل الاعلام تحت المجهر.

موعد مونديال

في السياق ذاته سيطلق الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا حملة استشارات من اجل تغيير موعد مونديال قطر 2022 الى الشتاء بحسب ما ذكر رئيسه السويسري جوزيف بلاتر. وكتب بلاتر على مدونة تويتر قررت اللجنة التنفيذية في فيفا اطلاق استشارات لجميع (دوريات، لاعبون، اندية واتحادات) حول موعد (صيفا او شتاء) مونديال قطر 2022. واضاف بلاتر ان اي قرار حول تغيير المواعيد لن يصدر قبل نهائيات مونديال البرازيل 2014.

وتابع الاستشارات ستكون بإشراف إدارة الفيفا والأمين العام للاتحاد الدولي جيروم فالكه مع رئيس الاتحاد الاسيوي، وعلت اصوات كثيرة مطالبة بنقل المونديال من الصيف الى الشتاء بسبب الحرارة الملتهبة صيفا في الدولة الخليجية. وكان بلاتر قرر في تموز/يوليو الماضي وضع دراسة تغيير مواعيد مونديال 2022 الى الشتاء بدلا من الصيف مثلما درجت العادة، وحتى الان، كان بلاتر محايدا بخصوص هذا الموضوع في حين أن رئيس الاتحاد الاوروبي ميشال بلاتيني دعا الى اقامة مونديال 2022 في فصل الشتاء.

واذا كانت الاتحادات الاوروبية ال54 موافقة على مبدأ اقامة المونديال في الشتاء فإنها تطالب بمسلسل تشاور مع جميع الاطراف المعنية عالميا (رابطات ولاعبون واندية واتحادات). ويبدو ان المفاوضات ستكون طويلة حتى داخل بلد واحد حيث ان موقف الاتحاد الانكليزي ليس هو الموقف ذاته للدوري الممتاز (بريمرليغ) الذي يخشى من الفوضى في حال تغيير الروزنامة. فيما تنوي استراليا التقدم بطلب تقديم تعويض الى الدول التي تقدمت بترشيحها لاستضافة مونديال 2022 والتي تعتبر واحدة منهم حيث قدموا ترشيحاتهم على اساس الاستضافة صيفا وليس شتاء.

Qatar2022

وكررت قطر رغبتها باستضافة المونديال صيفا، وقال حسن الذوادي الامين العام للجنة المنظمة لكأس العالم 2022 في قطر إن إلتزامنا بتطوير تكنولوجيا التبريد مستمر، ليس لخدمة بلدنا فحسب، وإنما لخدمة البلدان ذات الطبيعة المناخية المماثلة لبلدنا لتتمكن من استضافة الأحداث الكبرى.

في قطر لدينا ملعبا مكيفا في نادي السد الرياضي، هذا الملعب تم تحديثه وتعديله عام 2008. وقد زار مفتشو الفيفا هذا الملعب واطلعوا على آلية تطبيق تقنية التبريد. كما زار وفد فيفا الملعب النموذجي الذي تم تشييده في 2010 والذي يستخدم تقنيات التبريد التي تعمل بالطاقة المتجددة.

وكرر الذوادي استعداد بلاده لاستضافة مونديال 2022 في فصلي الصيف والشتاء بانتظار قرار الاتحاد الدولي للعبة وقال في هذا الصدد لقد تقدمنا بطلب استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 في فصل الصيف لما يمثل من فرصة مميزة لتقديم حلول مثالية للاعبين والجمهور ولبلدنا قطر وللبلدان ذات الطبيعة المناخية المماثلة لتوفير اجواء سليمة ومريحة لممارسة كرة القدم. واضاف لقد بذلنا الكثير لنبرهن أننا قادرين على الوفاء بوعودنا وتنظيم بطولة مميزة في فصل الصيف. وإذا ما تقرر تغيير موعد الاستضافة، فإننا على أتم الاستعداد لهذا التغيير، حيث أنه لن يؤثر على خططنا واستعداداتنا.

من جانب اخر سيكون للقرار المرتقب حول مستقبل موعد كأس العالم 2022 في قطر تأثير كبير على مختلف قطاعات الأعمال المرافقة للبطولة، وعلى الأخص الإعلانات والرعاية الإعلامية، إذ قد تتأثر السوق العالمية بتغيير مواعيد البطولة وفق تقديرات الخبراء الذي يشيرون إلى أن القضية ستمس بعقود تقدر بمليارات الدولارات.

في عام 2011 كان الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا قد باع حقوق نقل مباريات كأس العالم لعامي 2018 و2022 عبر التلفزيون والإذاعة بأكثر من 1.8 مليار دولار، كما جرى توقيع عقود رعاية إعلانية أخرى بما يرفع القيمة الكاملة لتلك العقود إلى 2.5 مليار دولار. ولكن في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم إقامة مباريات كأس العالم المقررة بقطر في فبراير/شباط 2022 فسيشكل ذلك مشكلة بالنسبة للسوق الأمريكية لتزامن البطولة مع نهائيات لعبة كرة المضرب التي تعتبر الحدث الرياضي الأكثر شعبية في أمريكا.

كما ستتزامن المباريات بحال إقامتها في فبراير/شباط مع دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي سيتنافس المعلنون خلالها أيضا على حقوق الرعاية الإعلامية. أما في حال أقيمت البطولة في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام فسيعني ذلك توقف المباريات في أوروبا، والتي تحظى بعقود رعاية وإعلان بمليارات الدولارات، ما يرتب خسائر كبيرة على المعلنين.

وقال كيفن روبرتس: من مجلة سبورتس بنزنس كل معلن بحاجة إلى فترة من الهدوء بين الأحداث الرياضية كي يتمكن من بناء حملته الإعلانية، فكيف يمكن مثلا تصور توقف دوري أبطال أوروبا في نوفمبر قبل أسبوعين من انطلاق كأس العالم؟ المعلنون سيكرهون ذلك بالتأكيد لأنهم سيفقدون قدرات الترويج وهذا يعني خسائر مالية ستصيب فيفا في نهاية المطاف. بحسب CNN.

وكان الاتحاد الاسترالي قد طالب علنا بتعويضه في حال حصول المباريات في شتاء 2022 نظرا لوجود الدوري المحلي وإمكانية خسارة الإعلانات، ورغم رفض فيفا للطلب الاسترالي إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم قد يجد نفسه بمواجهة موجة كبيرة من طلبات التعويض التي تقدمها عدة دول حول العالم.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here