القتل والتهجير.. في غزة والعراق.. منشأهما واحد

0
1469

د. عادل عبد المهدي

يسقط يومياً مئات الضحايا.. ويتواصل القتل والتطهير العرقي والطائفي والديني للشيعة والسنة والشبك والازديين والتركمان بمعدلات مخيفة.

فقبل ايام انتهت مهلة “داعش” للمسيحيين وتخييرهم بين الموت والهجرة.. فخلت الموصل منهم للمرة الاولى منذ الاف السنين.. كما سبق واخلي العراق من سكانه اليهود بعد المؤامرة العالمية الكبرى بانشاء دولة اسرائيل المغتصبة الظالمة.
ما يجري في غزة من عدوان ليس بمعزل عما يجري عندنا وفي منطقتنا. يقولون غزة لا تتضامن معنا، رغم تضحياتنا في فلسطين وغيرها.. ونقول ان القدس اولى القبلتين.. واننا سنقف مع غزة وغيرها، ليس حباً بالاخرين واهتماماً بحقوقهم وشؤونهم فقط، بل حباً بانفسنا واهتماماً بشؤوننا وحقوقنا ايضاً.
فالعالم منذ سيطرة النظام الاستعماري لم يعد نظماً متجاورة لا شأن لبعضها ببعض.. لم يعد عالماً فارغاً، او قارة وقارتين ودويلات وامبراطوريات تجهل بعضها.. بل تحول لمنظومة.. ولدول حاكمة ومحكومة، لكل حدودها وشعوبها و”سيادتها”.. صاغت وتعيد صياغة نفسها بين اونة واخرى، في اطار نظام عالمي واحد، بعلاقاته المعقدة المتداخلة، وبمحيطاته وقاراته، وفضاءاته الخارجية.
بقي العراق، لعقود متأخرة، يضم مختلف الديانات والمعتقدات.. وتعيش وتحيا فيها شتى المذاهب والطرق ومختلف الاعراق والتي يعود بعضها لفجر التاريخ. فقاومت رغم القتل واعمال الابادة والتهجير.. ثم انتشرت اكثر فاكثر سياسات اللون الواحد.. فلا تجد بعض الاقوام والمعتقدات مكاناً تتعايش معه او تهاجر اليه، فالحدود مغلقة الا على القليل، وكأن الارض امتلئت ولم تعد تتسع للمزيد، ووسائل الابادة باتت اكثر فتكاً وشمولية.. رغم القوانين الدولية، والامم المتحدة، ومنظمات حقوق الانسان، والرأي العام والاعلام والفضائيات.
ايعقل ان يكون الماضي بكل ظلمه وجبروته افضل للبعض من الحاضر بكل امكانياته وحقوقه وعلومه؟ فتتصاعد عمليات التطهير والقتل لتصل المراحل المأساوية التي نعيشها في العراق او غزة وغيرهما. أسبب ذلك اختلال توازن المنطقة؟ أم ضعفنا وعجزنا عن مقاومة اعتداءات الاخرين، وردود فعلنا واستعارتنا النماذج الميتة من التاريخ؟
اغلبيتنا تريد، ولو بارتباك، تجاوز مرحلة الاستعمار ومخلفاتها، وترفض ان تكون مجرد رد فعل لها.. فلا تنظر للماضي فقط، بل تربطه بالمستقبل والعدل والتعايش والوحدة.. لتنتصر على الظلم والقتل والتطهير والابادة.. بينما البعض افكاره متحجرة على الحلول المتطرفة، والمعتقد الماضوي الذي يكفر ويقتل ما عداه.. و”داعش” ابرزهم.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here