عادات وتقاليد الشعوب.. بعيدا عن القانون والحداثة

0
887

العادات والتقاليد الخاصة بالشعوب تختلف باختلاف الدول والمناطق والمعتقدات والديانات، فهي وبحسب بعض الخبراء تعبير لسلوكيات خاصة اعتاد عليها مجموعة من الأفراد فأصبحت طقوس وممارسات تتميز بها بعض المجتمعات، التي لا تزال تحافظ على هذه العادات والتقاليد باعتبارها ارث حقيقي لا يمكن الاستغناء عنه، وفي بعض الأحيان نجد أن تلك العادات والتقاليد القديمة قد تقوم مقام القانون في المجتمع، وخصوصا لدى بعض القبائل والشعوب، التي لم تتأثر بطابع التطور الكبير الذي يشهده العالم والذي كان سببا في اندثار الكثير من تلك العادات والتقاليد.
ويرى بعض من الخبراء ان الكثير من الناس يخلط بين العادات والتقاليد، لكن علماء الاجتماع يفرقون بينهما من حيث الممارسة حيث يقولون أن العادة تتعلق بالسلوك الخاص بينما لتقليد يتعلق بسلوك المجتمع ككل فمثلا لو تناولنا أي مجتمع لنرى نوعية ” الاحتفال ” في ذلك المجتمع، سنجد أن الاحتفال بأعياد الميلاد الخاصة تعتبر ” عادة ” بينما الإحتفال بعيد زعيم سياسي أو قائد وطني يعتبر تقليداً فالاختلاف بين الاحتفالين هو اختلاف في الدرجة و ليس النوع.
ايضا يمكن الفصل بين نوعين من العادات ، عادات فردية و أخرى جماعية أو شعبية، فالعادة الفردية تطلق على المظهر السلوكي الذي نلمسه في ممارسة الافراد، أما العادات الجماعية أو ما يطلق علية أحيانا العادات الشعبية وتشير إلى المظهر الجماعي أو الجمعي للعادات الاجتماعية ، فهي الممارسات التي تستلزمها الحياة الاجتماعية في مجتمع من المجتمعات، إذ تتمثل في الأفعال و الإعمال الضرورية التي تلتصق بمعاملات الناس مع بعضهم، فهي ممارسة تتناقلها الاجيال لتلبية مستلزمات الحياة الاجتماعية، وتعتبر العادات الاجتماعية ظاهرة تتميز بها المجتمعات عن بعضها لبعض، فهي ظاهرة اجتماعية هامة في الضبط الاجتماعي وتنظيم المجتمع، لأن كل مجتمع له عاداته وأسلوبه الخاص في حياته اليومية ، فالعادات الاجتماعية تنشا في الأصل نتيجة للتفاعل بين الأفراد في المجتمع الواحد، فهي إذن سلوك مكتسب اجتماعيا.
الأرواح الشريرة في المغرب
وفي هذا الشأن تشارك “مدام خياط” في مهرجان سيدي علي في مدينة مكناس المغربية، وتقول “نحن هنا لنطهر انفسنا من الارواح الشريرة” في حدث تتعايش فيه الشعائر الاسلامية والممارسات والمعتقدات الشعبية والشعوذة. على بعد عشرات الكيلومترات من مكناس، وفي قلب الريف المغربي، تقع بلدة مغرسين حيث يقام سنويا هذا المهرجان “موسم سيدي علي بن حمدوش” ذو الطابع الصوفي.
ويأتي المريديون الصوفيون لاحياء ذكرى هذا الشيخ الذي كان من اعلام التصوف في القرن التاسع عشر، والذي يتناقل الناس اخبار كراماته وعجائبه. واضافة الى هذا الشيخ القادم من سوريا، بحسب الروايات، يكرم المريدون الصوفيون ذكرى لالا عائشة، التي يقال انها كانت ابنة ملك السودان قبل ان تصبح “ولية من اولياء الله”.
وتقول سيدة ستينية من مدينة فاس تعرف عن نفسها باسم “مدام خياط” ان هذا المهرجان “نوع من انواع الحج”. وتوضح قائلة “يقصد المسلمون مدينة مكة حيث الحج السنوي الذي يطهرهم من خطاياهم، اما هنا فانهم يأتون للتطهر من الارواح الشريرة”. لكن هذا الرأي يلقى معارضة في صفوف الكثير من المسلمين الذين يرفضون ان يكون للانسان واسطة بينه وبين الله لتطهيره. وتقول مدام خياط “كثير من الناس يرون ان هذا الامر همجي…حتى ان زوجي لا يحبذ ان آتي الى هنا، لكني لا اغافله وآتي”.
ويتضمن المهرجان ممارسات وطقوس غريبة الاطوار، تنطوي على شعوذة وذبح حيوانات ورقص صوفي. ويقول عالم الاجتماع عزيز حلاوة ان طقوس المهرجان تتضمن ذبح ثور وديكة سوداء بهدف “تهدئة الارواح الغاضبة”. في وسط حلقة من المريدين، يكسر رجل صحنا من الفخار على رأسه، بينما تشعل النساء الشموع وعيدان البخور في مغارة لالا عائشة، طلبا للمدد منها.
وفي المساء، يجتمع المريدون بإعداد كبيرة في جلسات للتأمل، وبعد ساعات من الانشاد الصوفي، يهز أحد المريدين رأسه بقوة ثم يسقط مغشيا عليه على الارض، بينما يتردد بعض رواد المهرجان على قارئات الطالع لاستشارتهن حول مستقبلهم العاطفي، مقابل بعض القطع النقدية.
في السنوات الاخيرة، اثار مهرجان سيدي علي الكثير من الجدل في المجتمع المغربي، ولا سيما بسبب جذبه للكثير من المثليين الجنسيين في البلاد. ويساهم في ذلك ما تردده القصص الشعبية من ان لالا عائشة تحولت الى رجل عندما اثناء محاولة أحد الرجال اغتصابها. بحسب فرانس برس.
في المغرب ينتشر الايمان بقدرات “الارواح” بين الكثير من الناس، ولا يقتصر ذلك على الطبقات الفقيرة منهم فقط. ففي دراسة اعدتها مجموعة من الخبراء الاميركيين في العام 2012، تبين ان 86% من السكان يؤمنون بتأثير الارواح. وبموازاة ذلك، تنتشر الطرق الصوفية في المغرب منذ مئات السنين، لكنها شهدت ازدهارا بتشجيع من الملك محمد السادس، بحسب حلاوة. وفي العام 2002 عين احمد توفيق وزيرا للشؤون الدينية، وهو معروف بقربه من الطرق الصوفية. ويقول الصوفيون بشكل عام انهم يدعون الى اسلام “معتدل ومتسامح”، وينتقدون التشدد الديني.
ندوب الوجه
على صعيد متصل جرى استخدام الندب على الأوجه عدة قرون في أجزاء من قارة إفريقيا للإشارة إلى تراث الشخص القبلي. وعلى الرغم من أنه أصبح أقل شيوعا، إلا ان البعض لا يزال يرغب في حمل تراث أجداده الخاص. وفي بلدة أويدا جنوب بنين، تبدأ جماعة هويدا طقوسا غريبة يطلقون عليها “الفودو” بعد احتفال يستمر يومين. وتعد هويدا واحدة من الجماعات العرقية في بنين، والتي تعتقد بأن وسم الأطفال –الذي عادة ما يكون على الوجه- سيربطهم بأسلافهم.
وتقوم الجماعة بإعطاء الأطفال أسماء جديدة، وتحلق رؤسهم، وتنقلهم إلى أحد الأديرة، حيث تساعدهم هناك العرافة على التواصل مع الأجيال السابقة. ويقول جينيفيف بوكو “هذا جزء من تقاليدنا، وهو ما يُعد أمرا مهما بالنسبة لي”. ولدى بوكو ابنة، تدعى مارينا، ستة أشهر، وابنا أخيه لوك وهوسبيس، اللذين تتراوح أعمارهما بين 10 و12 عاما، وهم جميعا على وشك أن يخضعوا لعملية ندب في وجوههم.
ويُستخدم الرماد لتحديد المكان الذي سيجري فيه شق البشرة، على أن يبدأ بعد ذلك بثوان قليلة استخدام الآلة الحادة لبدأ عملية الندب. ويقول لوك بعد إجراء العملية “أصدقائي يسألونني إذا ما كان الأمر ضارا أو ومؤلما، فأجيب بلا”. وأضاف “قبل ذلك، عندما كنت أمشي في الشارع بصحبة أخي الكبير الذي يكتسي وجهه بالكثير من الندبات لم يكن يصدق الناس أنه أخي، والآن أنا سعيد لأننا أصبحنا متشابهين.”
ومنذ وفاة زوجها، أجرت غامبا داهويي، جميع عمليات الندب المحلية لأبناء القبيلة، وكانت تنظف الشقوق ببعض النباتات الطبية، وأحيانا كانت تضع الفحم أيضا على الجروح لمساعدتها على الالتئام. ودائما ما كانت تستخدم داهويي نفس المشرط في عملياتها، متجاهلة النصائح باستخدام شفرات معقمة وجديدة لكل شخص، لتجنب خطر انتقال الأمراض عن طريق الدم.
وهو نفس الأمر الذي يجري في المناطق الأخرى من بنين، حيث لدى كل جماعة عرقية أشكالها الخاصة من الندوب. ويقول فلويري يورو، الذي جاء من أتاجورا شمالي بنين “في أي مكان أذهب إليه أكون مميزا بهذه الشقوق التي في وجهي. وإذا كان لي الخيار لم أكن لأرغب في أن يصبح وجهي بهذا الشكل”.
وعندما كان يدرس يورو في كوتونو، أكبر مدن الجمهورية، يقول إنه كان كثيرا ما يواجه سخرية الآخرين بسبب تلك الشقوق. لكن هناك أخرون لديهم أسباب أخرى لاتخاذ قرارهم بعدم إجراء مثل هذه الندوب للأجيال الأصغر سنا، إذ توقف سينكيني نتشا، بعد أن أنجب أطفاله الثلاثة الأول بسبب مخاوفه من”مرض الإيدز”. وأضاف نتشا “يجب تغيير الشفرات في كل مرة، لكن من يقوم بإجراء العملية يرفض ذلك”.
ويضيف نتشا أنه بالنسبة له كأحد أفراد جماعة أوتوماري، فإن تلك الشقوق “غير مجدية”، إذ يمكن التعبير عن الموروثات الثقافية بطرق أخرى، من خلال اللغة والرقصات والاحتفالات والهندسة المعمارية. ويقول “إديث” إن الكثيرين من جماعة أوتوماري لا يزالون يختارون الخضوع للندب، بما في ذلك بعض الشابات اللائي يفضلن إجراءها على ظهورهن وبطونهن عندما يصلن إلى مرحلة البلوغ كنوع من “إظهار الشجاعة”. بحسب بي بي سي.
وفي حين خضعت مارينا ابنة جينيفيف بوكو، عند بلوغها ستة اشهر لإجراء الندب، خضع الرضع في بعض المناطق من بنين لنفس الأمر بعد أسبوع من ولادتهم. وفي دولة نيجيريا المجاورة، دفعت المخاوف من انتهاك حقوق الشباب في بعض الولايات إلى تمرير القوانين التي تحظر مثل هذه الممارسات على جميع الأطفال.
الاستحمام الروحي
في السياق ذاته قرر الثنائي آرتي وموسى عزيز أن يحتجزا نفسهما في غرفة حالكة السواد في المكسيك، برفقة “شامان” وهو من بين السحرة الدينيين المشهورين بطرد الأرواح. ويقوم الشامان بطقوس الترنيم من دون توقف لفترة ساعتين، فيما دوامة غريبة من البخار تحوم حول الثنائي. وقد يبدو الأمر، وكأنه محنة مروعة، ولكنه أمر تطوع الثنائي لفعله بكامل إرادته. وهذا ما يعرف بعالم تيمازكال، أي ممارسة طقوس تعود إلى قرون ماضية، وتحديداً الفترة التي كانت فيها حضارة المايا في أوج قوتها.
وتستلزم طقوس تيمازكال الدخول إلى قباني مبنية من الحجر، وارتداء ملابس خفيفة، والتعرق بسبب الحرارة التي لا تطاق، وعلى صوت الترانيم ورائحة الأعشاب. ويمكن وصف التجربة بالقاسية والصعبة، إذ يجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض السكري والقلب أو مرض الرهاب عدم المرور بهذه التجربة. ولكن، يشعر الأشخاص الذين يمرون بهذه التجربة، بشعور رائع من الإنتعاش والنشاط.
وتفوح روائح إكليل الجبل والريحان والنعناع وغيرها من الروائح من حمام البخار الذي يحضره الشامان، إذ يرمي المياه فوق كومة من الصخور الساخنة، في حفرة في منتصف الأرضية. ويمكن للضيوف المحافظة على رطوبة أجسامهم من خلال تناول الشاي بالأعشاب والإستلقاء على الأرض، والتجوال في الغرفة، أو مجرد الجلوس لتنقية العقل والجسم.
ولكن بمجرد أن يدخل الزوار إلى الغرفة، لا يسمح إليهم بالخروج إلا بعد مرور الوقت اللازم لإنهاء الطقوس. وقالت آرتي “شعرت بالفزع قليلا، عندما غطى الشامان الباب ببطانية سميكة.” من جهته، أوضح زوجها أن ترانيم الشامان ساعدته على توجيه آلامه ومشاكله وأوجاعه نحو الصخور، لتخليص جسمه من الشعور بالكراهية، وتخفيف أعباء التفكير عن رأسه. وخرج الاثنان من الغرفة بشعور كبير من الانتعاش جسديا وعقليا. بحسب CNN.
ويذكر أن حضارة المايا القديمة تعتمد على فعالية حمام البخار والطاقة لعلاج جميع الأمراض الجسدية والروحية. واعتبرت مباني حمام البخار المصنوعة من الحجر جزءاً من كل احتفالية كبيرة للمايا، وبعضها لا يزال على حالها في أجزاء مختلفة في المكسيك. ومن المعروف أن البخار الذي ينشأ من خلال مزيج من الأعشاب الأساسية ينظف الجهاز الهضمي، ويحسن من نشاط الدورة الدموية، وينشط العضلات وينظف البشرة. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية الفنادق في المكسيك، تعتمد طقوس “تيمازكال” ما يشجع السياحة أيضاَ.
طقوس تجذب الغربيين
من جانب اخر أتى الفرنسي ريمي كوسيه في سن الخامسة والاربعين الى الغابون ليطلع على طقوس قديمة في وسط افريقيا معروفة باسم “بويتي” لكي “يتضح مستقبلي اكثر” على ما يؤكد. وشأنه في ذلك شأن الكثير من الغربيين قبله، اختار هذا المدير الفني لفرق مسرح جوال المتحدر من مدينة بوردو جنوب غرب فرنسا، زيارة “تاتايو”، وهو معلم يتولى طقوسا من نوع خاص مثيرة للجدل. “تاتايو”، وهو الاسم الذي اطلق عليه لدى اعتناقه مذهبه الروحي، اصبح احد اركان مدينة ليبرفيل. هذا الفرنسي-الغابوني المتحدر من منطقة غاسكونيا، وصل الى ليبرفيل قبل 40 عاما قبل ان يدخل مذهب “بويتي” ويصبح بدوره “نغانغا” – او معلما مدربا – سنة 2005.
ويقوم “تاتايو” في دارة خاصة له مطلة على البحر وواقعة قرب مقر اقامة الرئيس الغابوني، باعداد اجانب – غالبيتهم غربيون – للدخول الى مذهب “بويتي”. ويستخدم جذر الايبوغا، وهو مؤثر عقلي طبيعي شديد القوة يستخدم في هذه الطقوس، ومن شأنه بحسب معتقدات هذا المذهب ان يساعد المتدرب على بدء حوار مع “عالم الارواح”. ويحكى ايضا عن منافع اخرى لهذه النبتة المستخرجة من شجرة صغيرة في الغابة الاستوائية ويتم تجرعها بكميات كبيرة، تتعلق بالمساعدة على شفاء مدمني المخدرات من ادمانهم.
مع حلول ساعات المساء الاولى في “قرية تاتايو” التي يعيش فيها حوالى 15 شخصا، يصبح بالإمكان اضاءة الانوار تمهيدا لانطلاق احتفالية ادخال اعضاء جدد الى الجماعة. على ضوء المشاعل، ينشد المنتسبون الجدد بوجوههم الملونة بالابيض اناشيد تقليدية ترافقها موسيقى آلة نغومبي، القيثارة المقدسة، او الة “موغونغو”، وهي كناية عما يشبه القوس يعزف على وتره الموسيقي بايقاع منتظم.
ويبدأ ريمي بتنشق الايبوغا المطحون على شكل مسحوق والذي يقدمه اليه “تاتايو” بملاعق صغيرة الى ان تبدأ عليه الظهورات وسط الضجيج المدوي للاناشيد والرقصات “المرافقة”. مستلقيا على حصيرة، يصبح المنتسب الجديد الى مذهب “بويتي” اشبه بالنائم، وروحه “تسافر” الى البعيد. احيانا، تنتصب قامته ليتقيأ قدر استطاعته. ويؤكد تاتايو بنبرة هادئة ان “الايبوغا منظف للداخل”، مضيفا “البناندزي (المتدرب على طقوس الدخول الى مذهب “بويتي”) يفرغ داخله من كل الامور السيئة الدفينة قبل ان يواجه نفسه”.
واستمرت الرؤى طوال الليل، ولم يستيقظ ريمي الا مع حلول الصباح. وبسبب التعب الذي حل به جراء هذه التجربة، لم يتمكن من المشي الا بعد ساعات عدة على استيقاظه. ومع انه كان “خائفا قليلا” من التجربة، يبدو ريمي سعيدا بعد يومين على خروجه من حالة السبات التي اغرقته به نبتة الايبوغا. ويقول ريمي “طقوس الانتساب (الى مذهب “بويتي”) جلبت لي معرفة لا يتم نقلها بالكلمات، لقد اجاب ذلك على الكثير من تساؤلاتي”، من دون الاسهاب في سرد التفاصيل.
من الآن فصاعدا، بات ريمي يحمل اسم “موكوكو” اي “الارواح”. وفي الغابون، يعتبر مذهب “بويتي” جزءا من الحياة اليومية، وطقوس الانتساب اليه يصنف من الممارسات الرائجة اذ ان قلة من الناس يشككون في فعالية الايبوغا، على رغم ان استخدامه ممنوع في بلدان عدة. وفي فرنسا، تصنف الايبوغا ضمن قائمة المواد المخدرة. لكن ابعد من ذلك، فإن طقوس مذهب “بويتي” تصنف على انها بدعة خطيرة “سواء على الصعيد الجسدي او النفسي”، بحسب تقرير عن البعثة الوزارية للتحذير من مخاطر البدع في 2007. بحسب فرانس برس.
ويؤكد تاتايو من ناحيته ضرورة ان “يتم تناول (الايبوغا) باشراف شخص مختص”. وقد اثارت ممارسات هذا الرجل انتقادات عدة بعد الوفاة العرضية لاثنين من المرشحين للانتساب الى المذهب. ولا يخفي تاتايو تقاضيه اموالا طائلة من الغربيين الباحثين عن خبرات جديدة مؤكدا ان “ثلث المال يستخدم في تسديد المبالغ التي استدنتها لايجاد هذا المكان، الباقي يساهم في اعالة اشخاص كثر من مذهب بويتي، هؤلاء الذين يعيشون في الغابة واولئك الذين يعيشون هنا، كذلك لصالح الموسيقيين والمغنين الذين يأتون الى هنا في كل مناسبة”. ولاكتشاف اسرار مذهب “بويتي”، دفع ريمي 2800 يورو لقاء اقامة لثلاثة اسابيع… وهو ثمن يبدو ان عددا متزايدا من الاشخاص مستعدون لدفعه، بما ان تاتايو يستقبل سنويا ما بين 20 و25 مرشحا، غالبيتهم من الاوروبيين.
الجيل الجديد يتجاهل
على صعيد متصل ففي نيجيريا تكشف القبعة الكثير عن الاصول الاجتماعية والاتنية واحيانا حتى الولاء لاسرة ملكية معينة الا ان رافايييل اكيميدله وابناء جيله يعتبرون انها اكسسوار يعيق الحركة. ويقول الشاب البالغ 21 عاما “لا اشعر بالارتياح عندما اعتمر القبعة مع البوبا والسوكوتو” وهو اللباس التقليدي المؤلف من قميص طويل مع سروال. ويضيف فني المعلوماتية هذا الذي يرتدي سروال جينز وقميصا قطنيا فيما كثيرون من حوله يرتدون ملابس تقليدية ملونة خلال حفل زفاف في لاغوس “هذا النوع من الالبسة هو للمسنين والقدامى”.
لطالما شكلت القبعة باشكال مختلف لفترة طويلة في الغرب جزءا لا يتجزأ من اكسسورات الرجل الانيق الى ان زالت موضتها. وفي نيجيريا يستمر الكثير من الرجال في اعتمار قبعات باشكال واحجام والوان ورسمات مختلفة اذ لكل واحدة منها معنى محدد. ومن اهم سفراء هذه الموضة النيجيرية الرئيس غودلاك جوناثان الذي يعتمر باستمرار تقريبا قبعة من اللباد الاسود المنتشرة جدا في جنوب البلاد الغني بالنفط حيث ولد وترعرع.
اما القبعة المعروفة باسم “تريبلي” والمزينة احيانا بريشة بيضاء فيعتمرها عادة رجال دلتا النيجر اما في الشمال يفضل الهواسة قبعة “هابار كادا” التي غالبا ما تشبه بشدق تمساح. اما اليوروبا الاتنية التي تشكل الغالبية في لاغوس فتعتمر قبعة “غوبي” المزينة بتطريزات ويمكن ان توضع بشكل مستقيم على الرأس او بشكل منحن، او قبعة “ايبيتي اجا” التي لها اطراف مثلثة تنزل على جانبي الوجه مثل اذني كلب.
لدى اتنية الايبو وحدهم الزعماء التقليديون والملوك يعتمرون قبعة صغيرة حمراء تشبه تلك التي تعتمر في شمال افريقيا. اسماعيل امينو طالب في الرابعة والعشرين في ميادوغوري في شمال شرق البلاد لا يحب كثيرا القبعات فهي تجعله يصاب بصداع نصفي. ويوضح “القبعات في هذه المنطقة من نيجيريا ثقيلة جدا لانها منشاة ومطرزة” وهو يرتديها تاليا “في مناسبات معينة دينية او تقليدية”. ويؤكد “انها تصبح اكثر فاكثر من مخلفات الماضي”.
الا ان التخلي عن القبعة يقلق المسنين. ويقول ليري اديييمي الاستاذ في جامعة لاغوس “هذا انتهاك لادبيات الثقافة النيجيرية”. ويعتبر بنجامين اوفومادو الاستاذ الجامعي المتقاعد البالغ 76 عاما ان عدم اعتمار قبعة مع اللباس التقليدي “تصرف غير مسؤول وتدنيس ثقافي”. ويرى ادييمي ان اعتمار القبعة في نيجيريا “هو علامة احترام” للنفس. ويشدد “عندما نعتمر القبعة يكون الباس التقلدي كاملا. الانفصال بين الفرد وثقافته الخاصة (..) امر مؤسف”.
وفيما يشير البعض باصبع الاتهام الى التأثير الغربي ولا سيما عبر التلفزيون يتهم ادييمي الوظائف التي تفرض معايير معينة في ما يتعلق بالملابس. ففي القطاع المصرفي على سبيل المثال ينبغي على الرجال ان يرتدوا جميعا بزة وربطة عنق على الطريقة الغربية. ولا يزال الشعر المستعار والاثواب التي اعتمدت خلال الحقبة الاستعمارية سارية في مجال القضاء حتى الان. وينتشر ايضا ارتداء الجينز و القميص القطني اكثر فاكثر في صفوف الشباب ولا سيما في المدن الكبيرة مثل لاغوس. بحسب فرانس برس.
وسعر القبعات هو عنصر اساسي في تراجعها فبعضها يكلف الاف النايرا وهو مبلغ كبير جدا بالنسبة لكثير من الشباب. وصانعو القبعات يتأثرون جدا بهذا التغير. ويقول ادريس ماباديرون وهو صانع قبعات في لاغوس يبلغ الخامسة والخمسين المضطر اليوم الى القيام بنشاط اخر لتأمين لقمة العيش “قبل سنوات كنت اصنع ما لا يقل عن 12 قبعة اسبوعيا اما الان فبالكاد اصنع ثلاثا منها”. وفي شمال البلاد ذي الغالبية المسلمة حيث تبقى القبعة الزامية في المساجد، يقاوم تقليد القبعة اكثر من الجنوب الاكثر حداثة.
مشروب المتة
في السياق ذاته يجلس وسام الحلبي على سفح احد الجبال اللبنانية وهو يحتسي شراب المتة المستورد من اميركا الجنوبية والذي استحال تقليدا محليا منذ فترة طويلة. فمنذ عقود طويلة، يدرج سكان الجبال في لبنان على استهلاك هذا المشروب ذي المذاق المائل الى المرورة، والذي يقدم ساخنا، بعدما جلبته الى المنطقة اولى موجات المهاجرين الى اميركا اللاتينية ابان القرن التاسع عشر، ولاسيما الى الارجنتين وبوليفيا والاوروغواي.
ويقول الشيخ سماح حلاوي، وهو من طائفة الدروز المنتشرة في جبال لبنان وبعض مناطق سوريا وفلسطين “تعود جذور المتة الى الارجنتين، وهي وصلت الى منطقتنا مع المهاجرين العائدين”. ويبقى هذا المشروب المشابه للشاي رواجا واسعا في اوساط هذه الطائفة الصغيرة في كل مناطق انتشارها. ويقول الشيخ سماح، الذي يرتدي الزي التقليدي لرجال الدين الدروز، ان “المتة شيء نشأنا معه، وهي مشروب اجتماعي نلتئم في مجموعات لنحتسيه”.
ويعتبر الكوب الخاص الذي تقدم فيه المتة جزءا من مظهره. وتزرع المتة في دول عدة من اميركا اللاتينية، لكن المتة المنتشرة في لبنان مصدرها الارجنتين حصرا. وفي العام 2012 جرى استيراد 1500 طن منها الى بيروت، ثالث اكبر مستورد للمتة في العالم. وتعد سوريا المستورد الاول، اذ تشتري سنويا 24 طنا من المتة، بحسب ارقام العام 2012. ولم يتأثر ذلك على ما يبدو بالنزاع الذي تشهده البلاد، اذ انها ما زالت مطلوبة بكثرة في صفوف الجنود النظاميين وكذلك في صفوف المجاميع المسلحة.
يقول وسام الحلبي، في مدينة الباروك في جبل لبنان انه قد يساوم على اي شيء ما عدا الاستراحة اليومية في وقت العمل، المخصصة لشرب المتة. ويقول وهو يتحلق حول النار مع ثلاثة من اصدقائه قرب الفندق الذي يعمل فيه في الجبل “بعد ساعات من العمل، نأخذ استراحة، نغلي الماء، ونشرب المتة على مدى نصف ساعة الى ساعة”. ويفضل وسام ماركة اماندا الارجنتينية، ذات المذاق الخفيف، والتي يمكن ان تشرب مع سكر او بدونه.
وتقول غادة حلاوي، وهي من سكان مدينة الباروك ايضا، انها تشرب المتة فور استيقاظها صباحا، بدل القهوة. وتضيف ضاحكة “لا اعتبر نفسي اني استيقظت ما لم اشرب المتة”، وهي تحضر يوميا نوعين من المتة، خفيفة المذاق، وذات مذاق مر. وهي، على غرار غيرها، تصنع بنفسها الكوب المخصص للمتة. وفي العام 2005، قرر وسام حمدان، الذي تعود شرب المتة طول حياته، ان يفتتح مطعما في مدينة عاليه شرق بيروت سماه “ذا ماتي فاكتوري” (مصنع المتة). ويستورد هذا المطعم سنويا خمسة اطنان من المتة الارجنتينية، ويقدم لزبائنه شراب المتة “التقليدي”، او مع بعض الاضافات مثل المتة بالمشمش او بالحامض. بحسب فرانس برس.
وفي مقابل حوالى خمسة دولارات يحصل الزبائن على ابريق من المتة وبعض المأكولات الخفيفة.
ويبدي وسيم رضاه عن سير العمل في مطعمه، وهو يقترح على زبائنه ايضا “متة كاريوكي” في ايام عطلة نهاية الاسبوع، حيث يمكن ان يحتسوا المتة مع بعض المشروبات الكحولية. ولا يمكن تصور زيارات منزلية في جبل لبنان لا تقدم فيها المتة، وتقول غادة حلاوي “ما ان يقرع باب البيت عندنا حتى نبدأ بغلي المياه”. وتضيف “عندما يزورنا احد يجب علينا ان نقدم له المتة، ولا فكأننا لم نقدم له شيئا”.
قطع رأس مشعوذ
في السياق ذاته قالت الشرطة ان سكان بلدة غاضبين اقدموا على قطع رأس كمبودي في الخامس والخمسين وهو معالج تقليدي متهم باستخدام الشعوذة للتسبب بالأمراض والوفيات. وقد تلقى الضحية خيو برون عدة ضربات فأس في هجوم شنه ما لا يقل عن ستة اشخاص مجهولين على هامش مراسم اقيمت بمناسبة حصاد الارز على ما اوضح سوم شانثا المسؤول عن الشرطة في اقليم باست في محافظة كامبونغ بو في جنوب البلاد.
واضاف “كان معالجا تقليديا. كان يتمتع ببعض القدرات الخارقة واتهمه بعض الاشخاص بممارسة السحر الاسود”. واوضح “طلقته زوجته وتزوجت مجددا من رجل توفي بعد اسبوع على زواجه منها. وقد اصيب بعض الاشخاص في المنطقة بامراض او توفوا فاتهموه بالشعوذة”. وبما ان 80 % من سكان هذا البلد الاسيوي يعيشون في الارياف فان الكثير من سكان البلدات النائية حيث لا مستشفيات او اطباء يلجأون الى خدمات الاف المعالجين التقليديين المتخصصين بالاعشاب ويعتبر البعض ان لديهم قدرات خارقة على شفاء بعض الامراض. بحسب فرانس برس.
ويؤمن البعض بالسحر الاسود ايضا ومن يتهم بممارسته يتعرض للمضايقة وحتى القتل. وقال تان سوفيث من مجموعة الدفاع عن حقوق الانسان “ادهوك” ان “قتل الاشخاص المتهمين بالشعوذة (..) لم يتوقف. وقتل الكثير من الاشخاص بعد اتهامهم بممارسة السحر الاسود” في السنوات الأخيرة.
منقول عن شبكة النبأ المعلوماتية

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here