النوم السليم.. مفتاح الصحة النفسية والجسدية

0
799

أسرار وعجائب النوم لا تزال محط اهتمام العلماء والباحثين الساعين الى كشف حقائق جديدة عن النوم الذي يعد من أهم الأنشطة الطبيعية التي يحتاجها الإنسان وبالحدود الطبيعية لكل شخص، حيث ان كثرة او قلة النوم يمكن ان تكون سببا في حدوث العديد من المشكلات الصحية والنفسية التي تبدأ من الصداع واضطرابات الجهاز التنفسي وانتهاء بالنوبة القلبية.

وقد أشارت الإحصاءات أن حوالي 75-90% من مراجعي الأطباء يمرضون لأسباب متعلقة بقلة النوم والإرهاق. وهي أمراض ازدادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب إدمان الكثير من البشر على بعض التقنيات والأجهزة الحديثة التي أصبحت جزء مهم من حيتهم وأبعدتهم عن الاهتمام بصحتهم كما يقول بعض الخبراء.

ويرى البعض ان ما يذكر في الدراسات والبحوث الحديثة هو أمر نبه إليه الرسول العظيم (ص) وأهل بيته (ع) في الكثير من احاديثهم الشريفة قبل مئات السنين، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قالت أم سليمان بن داود: لسليمان (عليه السلام) (إياك وكثره النوم بالليل فإن كثره النوم بالليل تدع الرجل فقيراً يوم القيامة )، وجاء في الصحيفة السجادية في دعاء للإمام السجاد(ع): ( فَخَلَقَ لَهُمُ ٱللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ مِنْ حَرَكَاتِ ٱلتَّعَبِ وَنَهَضَاتِ ٱلنَّصَبِ، وَجَعَلَهُ لِبَاساً لِيَلْبَسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَمَنَامِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ جَمَاماً وَقُوَّةً، وَلِيَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَشَهْوَةً، وَخَلَقَ ٱلنَّهَارَ مُبْصِراً لِيَبْتَغُوا فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ).

وفي الرسالة الذهبية للإمام الرضا (عليه السلام) قال: (النوم سلطان الدماغ وبه قوام الجسد وقوته)، كما أوصوا (ع) بالنوم على وضوء وطهارة لكونها تريح الإنسان وتبعد عنه الكوابيس وغيرها وفي الحديث (من نام على وضوء كأنما أحي الليل)، وفى رواية أخرى (من نام على طهارة بات وفراشه مسجداً)، وقال الصادق (عليه السلام): ونم نومة المتعبدين، ولا تنم نومة الغافلين ، فإنّ المتعبدين الأكياس ينامون استرواحاً، وأمّا الغافلون ينامون استبطاراً.

فيما تشير احدث الدراسات والبحوث بأن قلة النوم لها تأثير كبير في الصحة، وعلى عوامل نمط الحياة والنظام الغذائي أيضا، كما تزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، في حين هناك عدة عوامل أخرى ترتبط بعلاقة طردية مع اضطرابات النوم كالعِرق ولون البشرة، السمنة والاكتئاب، الإحباط والقلق، وغيرها الكثير من الاضطرابات التي تؤثر سلبا على السير النوم الجيد، وهو ما يعني ان الجسم السليم في النوم السليم.

أهمية النوم

وفي هذا الشأن حذر الباحثون من جامعات أكسفورد وكيمبريدج وهارفارد ومانشستر وسري من أن تقليص ساعات النوم قد يؤدي إلى حدوث “مشكلات صحية خطيرة”. وقال الباحثون إنه يجب على الجميع حكومات كانوا أو أفرادًا أن يأخذوا هذه القضية على محمل الجد. وكان عدد من الأمراض، بما فيها الأورام السرطانية وأمراض القلب والنمط الثاني من مرض السكر، بالإضافة إلى الالتهابات والسمنة، قد جرى ربطها بشكل مباشر بالمعدلات القليلة من النوم.

وتعتبر الساعة البيولوجية هي السبب وراء التغيرات الكبيرة التي تطرأ على جسم الإنسان، حيث إنها تحدث تغيرات على مستوى تنبهه، ومزاجه وقوته الجسدية، بل إنها قد تكون سببا في إصابته بنوبات قلبية. وتستمد تلك الساعة طبيعتها هذه من التكوين التاريخي للإنسان، فهو كان يمارس نشاطاته بالنهار ويخلد للراحة في الليل.

بيد أن العلماء حذروا من أن أسلوب الحياة الحديث والنمط الاجتماعي الذي أصبح متيقظا على مدار الأربع والعشرين ساعة يعني أن هناك كثيرين “يعيشون بالضد” من ساعاتهم البيولوجية، وهو ما يعود بالضرر على صحتهم. وقال راسيل فوستر، الأستاذ بجامعة أوكسفورد، إن الناس أصبحوا ينامون بمعدلات أقل مما كانوا ينامونه منذ 60 عاما بساعة أو ساعتين.

وأضاف قائلا: “إننا أكثر المخلوقات مكابرة في مواجهتنا لذلك، فنحن نشعر أنه يمكننا أن نتخلى عن أربعة مليارات سنة من التطور ونتجاهل الحقيقة التي تقول بأننا قد تطورنا ضمن دورة تعتمد على النهار والليل.” وتابع: “نحاول التغلب على ساعتنا البيولوجية، إلا أن الاستمرار في ذلك طويلا قد يؤدي بنا إلى مشكلات صحية خطيرة.”

وأكد فوستر على أن هذه المشكلة أصبحت تتهدد المجتمع بأسره، ولا تقتصر على من الموظفين فحسب. وقال فوستر إن هذه المشكلة يواجهها المراهقون بشكل كبير، مؤكدا على أنه التقى بصغار يلجؤون إلى الأقراص المنومة التي يتناولها آباؤهم لتساعدهم على النوم بالليل، كما أنهم يتناولون المنشطات، كمشروب “ريدبُل”، ليساعدهم أن يكونوا مستفيقين في الصباح.

وتبرز الشواهد التي ظهرت مؤخرا أن التكنولوجيا الحديثة تعمل على إبقائنا مستيقظين لساعات متأخرة من الليل، وتتسبب في تقليصنا لساعات نومنا. وقال تشارلز، الأستاذ بجامعة هارفارد،: “يعتبر الضوء هو أقوى أداة يعتمد عليها الجسم في ضبط ساعته البيولوجية. وأضاف تسايزلر أن مصابيح الإضاءة الموفرة للطاقة، بالإضافة إلى الهواتف المحمولة الذكية وأجهزة الحواسيب اللوحية “التابلت” وأجهزة الكمبيوتر، تنقل معدلات عالية من الضوء في النهاية الزرقاء من خطوط الطيف المرئية، وهو ما يؤدي بشكل مباشر إلى تعطيل الساعة البيولوجية.

وتابع تسايزلر قائلا: “إن التعرض للضوء، وخاصة الموجات القصيرة المائلة للزرقة منه في المساء، سيعمل على إعادة ضبط النظام الدوري اليومي إلى ساعات متأخرة، وهو ما يعمل بالتالي على تأخير إفراز هرمون الميلاتونين المحفز للنوم، ويزيد من صعوبة الاستيقاظ في الصباح.” وأضاف: “من الخطير أننا نتعرض لمعدلات ضوء أكبر بكثير من المعتاد، وننام لساعات أقل من المعتاد أيضا، والنتيجة لذلك أننا قد نعاني من العديد من الأمراض المزمنة.”

وينصح الباحثون بعدم التعرض للضوء الساطع مباشرة قبل الخلود للنوم، إذ سيؤثر ذلك على الساعة البيولوجية والنوم بشكل عام من ناحية أخرى، يعمل بحث رائد في المجال الجيني على الكشف عن التأثير السلبي الذي يلحقه النمط الحياتي المخالف للساعة البيولوجية بصحة الإنسان.

ومن المعلوم أن ما يقرب من 10 في المئة من الحمض النووي البشري له نمط نشاط كامل على مدى أربع وعشرين ساعة، وذلك النمط هو الذي يقف وراء جميع التغيرات السلوكية والنفسية التي تطرأ على الجسم. إلا أن الدراسات أظهرت أيضا أن ذلك النظام المتوازن يمكن عرقلته بمعدلات النوم المنخفضة وورديات العمل أيضا.

وقال سايمون آرتشر، وهو الأستاذ من جامعة سوري الذي أجرى تلك الدراسات، إن ذلك حمل “تأثيرا كبيرا على الطريقة التي يعمل بها الجسم”. وقال آرتشر: “تعد تلك الأمور طرقا حيوية أساسية يمكن ربطها ببعض النتائج الصحية السلبية التي نلاحظها على من لا يأخذون قسطا كافيا من النوم أو يعملون في ورديات عمل، ويتضمن ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكر والسمنة، بل قد يصل إلى الأورام السرطانية أيضا.” وأظهرت التجارب أيضا أنه يمكن للبعض أن يصابوا بالسكر بعد بضعة أسابيع من ورديات العمل. بحسب بي بي سي.

من جانبه، قال آكيليش ريدي، الأستاذ بجامعة كيمبريدج، إن الساعة البيولوجية “تؤثر على جميع العمليات البيولوجية في جسم الإنسان، وبدت التأثيرات الصحية السلبية التي حملتها الممارسات المعيشية المخالفة لتلك الساعة واضحة للغاية”، وخاصة في سرطان الثدي. وقال ريدي: “أنصح بأن يكون نمط العيش للإنسان أكثر توازنا وتوافقا مع البيئة، كما أنصح أيضا بعدم التعرض للضوء الساطع قبل الخلود للنوم، لأن ذلك سيؤثر على الساعة البيولوجية في الجسم وعلى النوم بشكل عام.” فيما دعا آندرو لودون، الأستاذ بجامعة مانشستر، الحكومات والمجتمع والساسة إلى النظر في تلك المشكلة بطريقة جدية، مضيفا أن ذلك “قد يكون بدءا بالنظر في التأثيرات الصحية لورديات العمل”.

الإصابة بالزايمر

في السياق ذاته أشارت نتائج دراسة حديثة أجريت في هولندا الى انه بعد ليلة من الأرق فانه حتى المخ السليم يفرز بروتينا بكميات أعلى من المعتاد من شأنها ان توقع الانسان في شراك مرض الزايمر. وقال يورجن كلاسن كبير المشرفين على الدراسة من المركز الطبي في نيميجن بجامعة رادبود الهولندية “نعتقد ان النوم الصحي الطبيعي يقلل من بروتين (امايلويد بيتا) في المخ أما إذا داهمك الأرق فسيتوقف هذا الانخفاض.” وأضاف انه بالنسبة لأولئك الذين تتكرر اصابتهم بالأرق يرتفع لديهم تركيز بروتين امايلويد بيتا مما قد يشكل عاملا للإصابة بألزايمر.

ولايزال سبب الإصابة بألزايمر مجهولا حتى الآن إلا ان ثمة اعتقادا قديما بان بروتين امايلويد بيتا الذي يوجد على صورة رقائق يلعب دورا رئيسيا في هذا الصدد. وقال كلاسن وفريقه البحثي في دورية (جاما) لعلوم الأعصاب إن الدراسات التي أجريت على فئران التجارب أوضحت تراجع تركيز بروتين امايلويد بيتا في مخ الحيوانات السليمة بعد نوم صحي وهو ما يشير الى ان النوم يلعب دورا في التخلص من هذا البروتين أثناء الليل.

وحتى يتأكد الباحثون من صدق هذه المشاهدة على البشر أشركوا 26 شابا ممن لديهم عادة النوم الطبيعي في تجربة تضمنت قياس مستوى البروتين قبل النوم وبعده وملاحظة وجوده من عدمه. وجهزت عيادة خاصة لهؤلاء الشبان تم خلالها تركيب قسطرة معينة لأخذ عينات من موائع المخ والحبل الشوكي قبل الخلود الى النوم وبعد الاستيقاظ. وتم اختيار نصف عدد الشبان بصورة عشوائية حيث توافرت لهم ظروف النوم الطبيعي فيما ظل النصف الثاني دون نوم.

ووجد الباحثون انه بالنسبة للشبان الذين نالوا قسطا طبيعيا من النوم كانت نسبة البروتين امايلويد بيتا في موائع المخ والحبل الشوكي في الصباح أقل بنسبة 6 في المئة تقريبا عن الوقت الذي خلدوا فيه الى النوم. أما الشبان الذين لم ينالوا أي قسط من النوم فلم يطرأ عليهم أي تغير في مستوى هذا البروتين. بحسب رويترز.

واعترف كلاسن بان النتائج التي توصل اليها هو وزملاؤه لا تبرهن على ان من ينالون قسطا طيبا من النوم لا يصابون بالضرورة بمرض الزايمر او ان تزايد هذا البروتين يسبب المرض. وقال إن النوم مجرد واحد من عدة عوامل خطر كثيرة للاصابة بالمرض منها الوراثة وارتفاع ضغط الدم والسمنة.

التحكم في الحلم

من جانب اخر أظهرت دراسة علمية أن التحكم في مجريات الحلم أثناء النوم أصبحت ممكنة. ويطمح العلماء من خلال الدراسة إلى التوصل لعلاج لمرضى الانفصام والمصابين بالوسواس القهري. هل يمكن أن يتحكم المرء بالأحداث التي تجري في أحلامه؟ يعتقد العلماء أن ذلك ممكن بالاستعانة بنبضات كهربائية توجه على بعض مناطق الدماغ. والوقت المناسب لهذه النبضات هو مرحلة النوم “المتناقض”، وهي مرحلة تحدث فيها الأحلام التي يتذكرها الإنسان، ويكون نشاط الدماغ فيها مشابها لما يكون عليه حين يكون مستيقظا.

وغالبا لا يستطيع من يرى الحلم أن يستبق ما سيجري فيه، كما أنه غالبا ما لا يدرك أن ما يراه حلما وليس واقعا. لكن في بعض الحالات، التي يسميها العلماء “الأحلام الواضحة”، فإن المرء يدرك أنه في حلم، وقد يتيح له ذلك أن يتحكم بمجراه أو أن يعدله، كأن يتوارى عن عيون شخص يلاحقه مثلا. ويبدو أن هذا النوع من الأحلام هو نتيجة الصدفة المحض، لكنه يمكن أن ينتج أيضا عن التمرين على التحكم بها، ولاسيما من خلال بعض أنواع التأمل البوذي.

وقد أظهرت أبحاث أجريت في مختبرات وجود علاقة بين هذا النوع من الأحلام وبعض أشكال النشاط الكهربائي في الدماغ، والموجات “غاما” في بعض مناطق الدماغ، لكن هذه العلاقة ما زالت غير واضحة بعد. أجرت أورسولا فوس طبيبة النفس المتخصصة في النوم في جامعة غوتي في فرانكفورت وفريقها جملة تجارب شملت 27 رجلا وامرأة، في محاولة للتعمق في فهم الأمر.

وبعد ثلاث دقائق من النوم المتناقض، أرسل الباحثون عن طريق الجمجمة شحنة كهربائية طفيفة إلى المناطق المعنية بالأحلام في الدماغ. وتقول فوس “لقد استخدمنا ترددات مختلفة لتحفيز الدماغ” تراوح بين 2 هرتز و100. بعد ذلك استيقظ الأشخاص المشاركون في التجربة، وسئلوا عن الأحلام التي رأوها. وتبين أنه عندما كان التردد 25 هرتز أو 40، أي في الطيف الأدنى لأشعة “غاما”، رأى الأشخاص أنفسهم من الخارج، أي كما يرى الإنسان نفسه على شاشة. وقالوا أيضا إنهم كانوا يدركون أنهم يحلمون.

توضح الطبيبة المشرفة على التجربة “عندما كان التردد عند مستوى 25 هرتز، كانت لدينا أفضل النتائج حول القدرة على التحكم بمسار الأحلام، وهذا يعني أن الأشخاص النائمين كانوا قادرين على التحكم بأفعالهم في المنام”. وتقول “لقد حفزنا الدماغ، وتوصلنا إلى تعديل وعي النائم أثناء الحلم، أنه أمر رائع لأننا بذلك قادرون على التأثير على النشاط الدماغي من خلال طريقة تخلو من الآثار الجانبية”. بحسب فرانس برس.

ويطمح العلماء إلى استخدام هذه الطريقة لأهداف علاجية. وبحسب ما جاء في الدراسة المنشورة في مجلة “نيتشر نوروساينس”، فهي قد تفيد في علاج مرضى الانفصام والمصابين بالوسواس القهري. وكذلك فإن تحفيز الدماغ بأشعة غاما أثناء النوم المتناقض، قد يساعد ضحايا توتر ما بعد الصدمة على التخلص من كوابيسهم المتكررة، من خلال جعلهم قادرين على التحكم بمسار الحلم.

النجاح والنوم

من جهة أخرى فلا شك أن المال والنفوذ شيئان طيبان وجيدان ولكن إذا أردت أن تعيش حياة ناجحة لا بد أن تحصل على قسط أكبر من النوم وأن تغلق الهاتف. تلك كانت الرسالة التي وجهتها أريانا هافنجتون مؤسسة صحيفة هافنجتون بوست الإلكترونية وهي واحدة من أشهر سيدات الأعمال أمام جمهور في مهرجان هاي للثقافة والفنون. واضافت أن كثيرا من زعماء السياسة والأعمال في مختلف أنحاء العالم والذين يعملون لديهم يعيشون حياة يحرمون فيها من النوم وتستهلك طاقاتهم سعيا لدرجتين من النجاح التقليدي.. هما المال والنفوذ.

ولكنها تابعت أن من يطاردون هذين الهدفين وحدهما سينهارون وقالت “هذا مثل محاولة الجلوس على كرسي له ساقان. ستسقط عاجلا أو آجلا.” ولا بد أن هافتجتون تعلم ذلك جيدا. فقبل سبعة أعوام انهارت من أثر الإجهاد والعمل فوق طاقتها. وارتطم رأسها بشيء وهي تسقط. وقالت هافنجتون في مهرجان الكتاب في ويلز “وفقا لأي تعريف عاقل.. حينما تسقط في بركة من دمك.. فأنت لست ناجحا.”

وكانت نتيجة أول رسالة تنبيه وصلتها على حد تعبيرها هي الحصول على قسط أكبر من النوم. وقالت “الأمر أشبه بالإعجاز الدوائي.” وتشتمل غرفة أخبار هافنجتون بوست على “غرفتي قيلولة” حيث يمكن للصحفيين أن يحصلوا على غفوة. وقالت إن كثيرا من العاملين يتباهون بانشغالهم باعتباره شرفا. وبدلا من ذلك فهم يرتكبون أخطاء ويتراجع إبداعهم. وكثير منا ملتصقون بأجهزة هواتفهم المحمولة سعيا للإنجاز في عالم يزداد ترابطا عبر وسائل التواصل. بحسب رويترز.

ووضعت هافنجتون أفكارها بشأن كيف يعيش المرء حياة أفضل في كتاب نشر في مارس آذار. وأوصى الكتاب بأربعة أشياء تقود إلى الرفاه بما في ذلك النوم الهانئ والقدرة على التفكر والحكمة والعطاء. وبعيدا عن غرف القيلولة تتجلى فلسفة هافنجتون في غرف الأخبار بطرق أخرى: فحينما لا يعمل الموظفون لا ينتظر منهم متابعة بريدهم الإلكتروني فالمكتب سيتصل بهم أو يبعث لهم برسائل نصية إذا لزم الأمر. وأضافت هافنجتون أن جميع المدراء في هافنجتون بوست لديهم تعليمات محددة بشأن التوظيف: “لا تشغلوا أذكياء حمقى”.

مزاجك في الصباح

على صعيد متصل يقر غالبية الأشخاص البالغين بعدم قدرتهم على تخطي عادة ضرب المنبه لإسكاته عن الرنين في كل صباح. وعكف الخبراء على مناقشة إيجابيات وسلبيات هذه العادة لسنوات، وقياس التأثيرات السلبية والايجابية على المديين القصير والطويل على صحة الجسم والعقل معاً. وتعتبر خطوة القيام من سرير دافئ، أمراً ليس مسلياً أبداً، وبالطبع ليس سهلا بعدما قد تكون ضربت المنبه بيدك مرات عدة لإسكاته. ورغم أن الشعور بالذنب هو ما يجعلك تستفيق من سريرك، إلا أن عدم الرغبة بأن تطئ أقدامك أرض الغرفة، والبدء بيوم جديد لا تزال تسيطر عليك.

وقد يتسبب إسكات المنبه بوصولك متأخراً إلى عملك، أو إلغاء خططك الصباحية بممارسة بعض التمارين الرياضية. ولكن، هذا الأمر بالتحديد ليس السبب المباشر لإفساد يومك، إذ أن هناك أمور سيئة أخرى قد تفعلها، وتتسبب بالتأثير على صحتك، وسعادتك، ونجاحك. والآن، تذكر ما فعلته هذا الصباح: ما هو أول شيء قمت به عندما استيقظت من النوم؟ والإجابة طبعاً: حملت هاتفك.

ويكمن السؤال الأهم بالتالي: لماذا فعلت ذلك؟ فأنت ما زلت تترنح بمشيتك، فور الاستيقاظ، ولم تبدأ يومك، ومع ذلك تحمل هاتفك بيدك، كأن العالم لن يبدأ بالدوران قبل أن تلقي نظرة على شاشة الهاتف. هل هناك بعض الرسائل المهمة جداً والتي يجب عليك رؤيتها على الفور؟ كلا، إذا كان هناك، حالة طوارئ حقيقية، قد تتلقى مكالمة هاتفية، بدلاً من الرسالة. هل هناك رسالة بالبريد إلكتروني تحتاج إلى إرسالها قبل أن تغسل وجهك؟ بالطبع لا، ولكن مع كل ذلك، فأنت قمت للتو بتفحص صندوق البريد الوارد الخاص بك.

واقترحت الدراسات التي صدرت مؤخرا أن حوالي 83 في المائة من الشباب ينامون مع وضع الهواتف بجانبهم. ووجدت دراسة صادرة عن مركز “بيو” للأبحاث أن 65 في المائة من الأشخاص الكبار بالسن، ينامون ويضعون هواتفهم على السرير بجانبهم. ولكن لماذا يعتبر الأمر سيئاً إلى هذا الحد، بأن تحمل هاتفك وتتفحصه فور استيقاظك من النوم؟

ببساطة، لا يوجد شيء في صندوق الرسائل الواردة الخاصة بك والتي من شأنها أن تساعدك على السيطرة على يومك أو تخدم أهدافك. وتتضمن غالبية الرسائل الخاصة بك، التذكير بأمور ينبغي عليك القيام بها، وأمور أخرى لشرائها، وأمور تضعها على لائحتك، وحضور اجتماعات، والتذكير بالمواعيد النهائية لتقديم بعض الأعمال الخاصة بك. وتجدر الإشارة، إلى أن فحص النصوص الخاصة بك أو رسائل البريد الإلكتروني، تجعلك تسمح لشخص آخر بوضع أولوياتك، قبل تناول وجبة الإفطار.

ومن خلال استخدام هاتفك، فأنت تستسلم لسيطرة للآخرين، ما يؤثر على صحتك، ونجاحك، وسعادتك. وتتطلب رسائل البريد الإلكتروني، من وقتك، وتركيزك. فلا عجب أن تبدأ يومك بالشعور بالإرهاق، والإحساس بالضغط وتبني أسلوب رد الفعل بدلاً من الحالة الاستباقية لرد الفعل. وإذا كان هاتفك لا يتلقى الرسائل الإلكترونية، فأنت ستفتح الكمبيوتر أو الجهاز اللوحي، بمجرد وصولك إلى العمل، لتفقد الرسائل الخاصة بك قبل تنظيم أولوياتك. ولكن لا تفعل ذلك مرة أخرى، بل ابدأ بالسيطرة على نهارك. بحسب بي بي سي.

وتتمثل النصيحة الأفضل بعدم قيامك بالتحقق من البريد الإلكتروني حتى يكون لديك الفرصة لمعرفة ثلاث أولويات لك خلال اليوم، وربما تناول كوب من القهوة والشاي. وقم بخطوة “تفريغ الدماغ” لمدة خمس دقائق من خلال وضع جميع مشاريعك، التي يجب عليك فعلها، وأولوياتك على قطعة من الورق، واختر منها ثلاثة أمور على اللائحة لتفعلها خلال يومك. من خلال عدم استخدام الهاتف ومعرفة أولوياتك، فأنت تسيطر على يومك وتضع الأولويات الخاصة بك. والآن، يمكنك فتح صندوق البريد الوارد الخاص بك.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here