تداول السلطة في اطار التحالف الوطني

0
1306

نزار حيدر
بناء على المادة (٧٦) من دستور جمهورية العراق، فان الكتلة النيابية الأكثر عددا والتي يحق لها ان تتقدم بمرشحها لتشكيل مجلس الوزراء، هي (التحالف الوطني) والتي ستظل، برايي، تحتفظ بهذا الحق الدستوري الى حين، ما يعني ان مكونات هذه الكتلة النيابية ستضطر الى تجميع أجزاءها واوصالها مرة اخرى بعد كل عملية انتخابية، مهما تجزأت وتقسّمت وتوزّعت وتبعثرت وتفتّتت خلال السنوات الأربع التي تفصل بين كل عمليتين انتخابيتين، من اجل ان تضمن لنفسها ان تظل الكتلة النيابية الأكثر عددا والتي يحق لها حصرا ان تشكل الحكومة في كل مرة.

ولا يخفى على احد الأسباب التي تقف وراء هذه المعادلة، والتي منها مبدأ المحاصصة الذي اعتمده الفرقاء السياسيون لتشكيل مؤسسات الدولة العراقية الحديثة، اي منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان ٢٠٠٣ ولحد الان، كما ان سعي شيعة العراق، كونهم المكون الأكبر في البلاد، للتمسك برئاسة مجلس الوزراء يفرض عليهم التوافق فيما بينهم مهما علت الخلاقات ومهما تعمقت المشاكل بينهم، لانهم يعرفون جيدا بان الفرقة وعدم الانضواء تحت راية (التحالف الوطني) في كل مرة سيفقدهم القدرة الدستورية على الاحتفاظ بقيادة الحكومة، اذ لم يعودوا في حال تمزقهم، الكتلة النيابية الأكثر عددا القادرة حصرا على تقديم مرشحها لتشكيل الحكومة الى مجلس النواب.

تأسيسا على هذه الحقيقة، فان مبدأ تداول السلطة الذي يتحدث عنه الدستور في المادة (٦) سينحصر تحققه داخل (التحالف الوطني) فقط، وهذا، طبعا، من الأخطاء القاتلة في الديمقراطية العراقية الوليدة، ففي كل ديمقراطيات العالم المتحضر، فان الكتلة النيابية الأكثر عددا تتغيّر في كل مرة بالاعتماد على ما تفرزه نتائج صندوق الاقتراع، الا في العراق فان الكتلة النيابية الأكثر عددا معروفة سلفا، الى حين، وذلك بسبب المحاصصة من جهة وعدم وجود قانون للأحزاب ينظم معايير الانتماء اليها وعملها وتمويلها وغير ذلك، ليساعد على تنمية الحياة الحزبية والعمل الحزبي بما يضمن تشكيل احزاب بمعايير وطنية تعبر بنا الانتماءات الدينية والمذهبية والإثنية، بما يخلصنا من عقدة المحاصصة، ويغير أحجام الكتل البرلمانية في كل مرة، لنحصد تداولا حقيقيا للسلطة وليس شكليا، كما هو عليه الحال اليوم.

على كل حال، فان الواقع الحالي يفرض علينا ان نفكر بطريقة المحاصصة الى ان يشرّع لنا مجلس النواب في يوم من الايام قانون الاحزاب لنقفز على هذا الواقع المر، وعندها فسوف لن تكون الكتلة النيابية الأكثر عددا تتشكل من طيف او لون واحد ابدا، كما انها سوف لن تكون معروفة لنا سلفا، وإنما ستتشكل من كل أطياف المجتمع العراقي، من جانب، وستتغير وتتبدل في كل مرة، من جانب آخر، ما يسهل عملية تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، والتي سنتحدث عنها لاحقا.

نعود للحديث عن تداول السلطة في إطار (التحالف الوطني) الذي يطلق عليه صفة (الشيعي) كأمر واقع وبالهوية على الأقل، فكيف يمكن تحقيق هذا الامر ولماذا؟.

اول: لقد بات من الواضح لكل العراقيين، بان نجاح الأغلبية، الشيعة، سينتج نجاح البلد كلها، بشكل اوتوماتيكي، والعكس هو الصحيح، فإذا فشلوا فشلت البلد كلها، وهذه المعادلة يقرها مبنى اهل العقل والمنطق في كل مكان، خاصة في بلد متنوع ومتعدد في كل شيء مثل العراق.

ثانيا: ان (التحالف الوطني) هو الكتلة البرلمانية الأكبر ولكنه في العدد فقط، اما من الناحية الواقعية فهو أصغر وأضعف الكتل البرلمانية بسبب الصراعات العنيفة التي تعصف بين مكوناته، ولذلك حق لنا ان نسمّيه بالكتلة البرلمانية الأكبر المشلولة، فهي كتلة عاجزة عن حماية نفسها وحماية من تمثلهم من المجتمع العراقي (الشيعة) كما انها عاجزة عن تحقيق الحد الأدنى من الاتفاق لتمرير التشريعات الاساسية والمهمة تحت قبة البرلمان، ولعل في أزمة قانون الميزانية في كل عام اكبر دليل على ذلك.

ثالثا: ولهذا السبب يمكن القول بان تطبيق مبدأ تداول السلطة داخل (التحالف الوطني) ربما سيساعد على حل الكثير من مشاكلها، وبالتالي سيعيد لها قوتها وفاعليتها ومكانتها الحقيقية تحت قبة البرلمان، كيف؟.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here