الفقيه الشيرازي.. في ذكرى رحيله السادسة

0
1684

موقع الامام الشيرازي
من الوفاء الاحتفاء بذكرى هذا العالم الجليل والفقيه الكبير والعبد الصالح واستحضار مواقفه، لكن الأهم أن نعيش المبادئ التي بها عمل، وإليها دعا، وعليها مضى إلى حيث ((النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً))
في السادس والعشرين من شهر جمادى الأولى للعام 1429هـ تمر الذكرى السنوية لرحيل الفقيه العابد، والأستاذ الزاهد، والعالم الرباني آية الله السيد محمد رضا الشيرازي رضوان الله عليه. وقد كان رحيله مدوياً في الحواضر الإسلامية الكبرى التي شهدت حوزاتها الدينية ومؤسساتها العلمية بعلمه الغزير وفكره الوقّاد وخلقه الكريم ومناقبه الطيبة وأفعاله النبيلة، وهو ما تجلى بحضور حاشد للمعزين الذين قدموا من شتى بقاع العالم ليشاركوا في تشييع جثمانه الطاهر انطلاقاً من مدينة قم المقدسة، مروراً بالنجف الأشرف، وصولاً إلى كربلاء المقدسة، حيث المثوى الأخير بجوار جده سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه.
إن سمو صاحب الذكرى ونبوغه، وخفايا الرحيل وشجونه، خلدا ذكراه وتراثه، فكلماته ما زالت تنبض بالحياة، وآثاره أضحت زاداً للباحثين عن الحقيقة، فإن للراحل عبره وتاريخه، وآخر عبر تاريخه المشّرف أن للإصلاح منهجاً يكتب بالمداد والدماء، وللإصلاح ناهج لا ينبغي أن ينقطع أثره، فبلاء الأيام يغدر بالعلماء إذا عملوا، ويباغت العاملين إذا أخلصوا، والإصلاح مسيرة طويلة تعج بالآلام والتضحيات، وتحتاج إلى وعي وعزم وحكمة وصبر.
في ذكراه الأليمة، جدير بالمحبين أن يحيوها كما تستحق، ومن مستحقاتها أن الراحل كان عالماً فقيهاً، وأستاذاً معطاء، ومصلحاً باسلاً، ومثقفاً ناقداً، وناهجاً ومنهجاً. ولم يدخر جهداً للذود عن الإسلام ومدرسة أهل البيت سلام الله عليهم، وتنوير العقول وتحفيز العزائم واستنهاض الهمم لما فيه سلامة الدين وخير الإنسان. وكان باهراً في مقارعة قوى الضلال والتزييف والتكفير، وكان حريصاً في الدفاع عن المظلومين والمحرومين في بلاد القمع والقتل والقهر، حتى أضحت حياته سفراً من أسفار الخلود، ومحطة من محطات العلم الذي يسمو بصاحبه وينفع الناس، وكان رحيله مضطرباً بالصمت والأسى.
إن من مسؤوليات المحبة لصاحب الذكرى قدس سره توثيق نتاجه العلمي ونشره، وهو نتاج أربعة عقود من عمره الشريف، عبقة بخبرة الآباء والأجداد رضوان الله تعالى عليهم وبركاتهم وكراماتهم، فإن أهم سمات الأمم الحية أن تكون منتجة، ولن تكون الأمة منتجة إلا إذا عملت بحكمة وإخلاص، واستثمرت التجارب، واستكملت طريقها من حيث وصل القادة الأفذاذ.
ما زالت ذكراه تعبق بشذا الفقهاء المصلحين والشهداء الخالدين
“شاء الله (تبارك وتعالى) له ولنا هذا الذي ترون، ولا راد لقضاء الله، رضا بقضائه ورضا بقسمته… هذه القسمة مرة… ولكنها إرادة الله (تبارك وتعالى)، فتكون مرضاته لنا رضى، أما بالنسبة لي ولكم فخير كلمة قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): “ولأن يكونوا عبراً أحق من أن يكونوا مفتخراً”.
بهذه الكلمات البليغة الموشحة بالحزن والأسى نعى المرجع الديني سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي رحيل الفقيه السعيد آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (قدس سره الشريف) الذي وافاه الأجل في 26/جمادى الأولى/1429هـ، مؤكداً سماحته (دام ظله) في كلمته التي خاطب فيها جموع المعزين: “لقد كان (رحمه الله) في درجات العدالة بلا شك، فحاولوا أن تكونوا عادلين، وكان على درجة عالية من الخلق الرفيع مع الصديق والعدو، ومع القريب والغريب، ومع من كان يتواضع له أو يتكبر عليه، فحاولوا أن تطبقوا على أنفسكم هذه الانطباعات التي لكم عنه. لقد عاش حياة سعيدة، وكان من ضمن ما عاشه (قدس سره الشريف) الحديث الشريف: “المؤمن نفسه منه في تعب والناس منه في راحة”. فقد عاشه تطبيقاً وعملاً، في وقت ندر جداً مَنْ يعمل به أجل لقد كان فقيدنا مصداقاً جيداً لهذا الحديث الشريف، فحاولوا أنتم أيضاً أن تكونوا مصداقاً جيداً له”.
عديدة هي الدوافع التي تجعل من الفقيه الشيرازي قدوة طيبة للعلماء والمثقفين والمصلحين، فقد كان عالماً فقيهاً، وأستاذاً معطاء، ومصلحاً باسلاً، ومثقفاً ناقداً، وناهجاً ومنهجاً، ولم يدخر جهداً للذود عن الإسلام ومدرسة أهل البيت سلام الله عليهم وأتباع هذه المدرسة الممتحنين في أكثر من بلد، ولم يتوان في تنوير العقول وتحفيز العزائم واستنهاض الهمم لما فيه سلامة الدين وخير الإنسان. وكان باهراً في مقارعة قوى الضلال والتزييف والتكفير، وحريصاً في الدفاع عن المظلومين والمحرومين في بلاد القمع والقتل والقهر، حتى أضحت حياته سفراً من أسفار الخلود، ومحطة من محطات العلم الذي يسمو بصاحبه وينفع الناس، وما زالت ذكراه تعبق بشذا الفقهاء المصلحين وذكريات الشهداء الخالدين.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here