(عليجة) المثقف

0
2166

حيدر الجراح

كتاب، مجموعة أوراق، مجموعة أقلام، علكة أبو السهم بطعم النعناع، علبة سكائر، مجموعة أقراص لافلام أمريكية، بضعة أوهام، بضعة أحلام، هلوسات واشياء أخرى..

العلجية، نوع من الحقائب التي كانت تصنعها النساء في مجتمعنا من أنواع مختلفة من قطع الاقمشة المتوفرة والتي تحتفظ بها سيدة البيت وترميها في القمامة، وكانت اكثر ما تكون من قماش اسمه (البازة) لقوته وتحمله، تخاط منه ملابس الأطفال خصوصا..

و(العليجة) أيضا، ما يعلق في رقبة الحصان من قطعة قماش يوضع فيها طعامه ويكون قريبا من متناوله عند الإحساس بالجوع..

كثيرة هي الأسئلة التي تطرح في ميادين التغيير والإصلاح، وكثيرا ما تكون الأجوبة متشابهة في مداخلها ومخارجها، الاختلاف فقط في نوع الدخول وما يصاحبه.

تعددت تلك الميادين وتعددت الحلول، لكننا بالمقابل لم نتقدم خطوة واحدة الى الامام، بل اضحى التراجع الى الخلف سمة بارزة لهذا التقدم، وكأننا نسير عكس خطواتنا..

من المسؤول عن ذلك؟.

هل هو المثقف ام (عليجته) التي يحملها؟.

الاثنان معا..

المثقف لا يستطيع ان يمارس دوره في التغير لانه لا يمتلك ادواته، والعليجة التي لا تتركه يرى ابعد من انفه، وهو يقترح الحلول، حلولا طوباوية ومثالية، لا تلامس واقعه الذي هو واقع الغالبية الساحقة من مجتمعه..

من هو المثقف في مجتمعنا الذي يجب ان يكونه؟

انه الذي يراقب مجتمعه ويبصر مشاكله من تحت الاف الاطنان من الركام، وهو الذي يصل الى ابعد نقطة في مد بصره الى الامام، رافعا رأسه عن هذه (العليجة) التي كثيرا ما تجعله لا يرى ابعد مما تسمح له انحناءة رأسه..

وهو أيضا من يستشرف ويتنبأ بحجم المشكلات التي ستنهض مستقبلا، ويضع الحلول لها قبل نهوضها حتى ومد اعناقها في حياتنا..

ماهي الثقافة؟

احد الكتاب العرب، يرى أن الثقافة الحقيقية ليست في القراءة، ولا في الجمل والكلمات، ولا في معرفة الافكار القديمة والجديدة، ونظريات العولمة والقبيلة. الثقافة الحقيقية هي في الاخلاق، هكذا بكل بساطة… هي في تقدير الآخرين في احترام الانسان الساكن في الانسان. عامل النظافة كان … أو بائع الحليب .. أو رئيس الوزراء.

ويبرر ذلك بأنه عندما نقرأ كتابا فنحن نبحث عن شيء جديد عن رأي قد يخالف رأينا، عن أشخاص يسكنون بين الاسطر، يختلفون في الشكل والدين.

احترام الآخر هو الثقافة الحقيقية، وهو ما ترمي اليه الكتب والأحرف، لأنها تقودنا الى معرفة ما نجهله فلا نتجاهله، وأكثر ما نجهله اليوم هو الانسان .

عندما نعرفه، ونحترمه, سنكون مثقفين، بلا كتاب ولا شهادة جامعية أو محو أمّية.

فكم من أمّي رأيت هو أكثر ثقافة من أستاذ جامعي، وكم من كتاب قرأت ندمت على الوقت الذي ضاع فيه.

ويصف بعض من الكتّاب بقوله:

رأيت كتّاباً كثر في بعضهم من التعالي ما ليس في آلهة الاغريق، هؤلاء هم أكثر جهلاً من صنم يوناني، فقلم لا يرى سوى رأسه لا ثقافة فيه ولا رجاء.

ويتساءل كاتب اخر: هل ينبغي أن ينتظر المثقف انفجار المشكلات في المجتمع حتى يتحدث عنها؟، ألا ينبغي أن يرهص بها، أن يستبق عليها؟، ما معنى المثقف إذا لم يكن يرى إلى أبعد من أنفه؟، ما معناه إذا كان يكذب على نفسه وعلى الآخرين؟.

ويضيف: إني أقول للعرب كل العرب: قبل أن تتحدثوا عن عنصرية الفرنسيين أو الأميركان أو الشياطين انظروا إلى أنفسكم في المرآة ولو لمرة واحدة. ثم أضيف: ما دام هذا الموقف العنصري واللاإنساني سائدا فلا يمكن أن تنهض حضارة على أرض العرب. ولا يمكن أن يحظى العرب بأي احترام على مسرح التاريخ بين الأمم.

هل يبقى المثقف ينطبق عليه المثل القائل: مجدي وعليجته قديفة: ويضرب للمملق

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here