جمعة المتنبي.. صحوة ثقافية ام ساحة للتباهي

0
1352

ساره نجم الجبوري
المتنبي هو شارع من شوارع بغداد الادبية وهو صرح من صروحها الثقافية فهو يجمع مثقفي العراق بغض النظر عن الطائفة او الدين او العرق ويرتاده الكثير من الادباء والمثقفين والصحفيين والشباب، وفيما تفتح بعض المنتديات ابوابها لاقامة الاصبوحات احتفاءا بشاعر هنا وتوقيع كتاب هناك تفترش طريق المتنبي الكتب المتنوعة سواء على الارصفة او المكتبات لتضيف الى صورة الشارع بهاءا وجمالا، بينما شكلت هذه الجمع ظاهرة ادبية لفتت انظار الاخرين، اختلف المثقفون الذين يزورون المتنبي في توصيف حضور هذه المجاميع الكبيرة التي تزداد يوما بعد يوم، في حين المح البعض بان المثقفين العراقيين بشكل عام يغردون خارج السرب من دون استراتيجية فاعلة حيوية وانهم يكتفون بما يقدمونه من انجازات في الفن والابداع لكنهم لا يتمتعون بثقافة النقد ولا بعضوية الانتماء على الرغم من حاجة العراق اليهم في المرحلة الحالية، قال اخرون ان بعض التجمعات يذكرونني بما كان يحدث في تسعينات القرن الماضي عندما كان يتفق الشاعر والناقد، فهذا يكتب قصيدة وهذا يحللها ثم يجلسون في اليوم الثاني في كازينو (حسن عجمي) ليضحكوا على القصيدة والتحليل، فيما اعرب قسم اخر عن اعتقادهم بان هذا التواجد بادرة خير ثقافية من شانها تفعيل وصناعة رأي عام ضاغط باتجاه القرار السياسي ولو بعد حسين، في وقت كشف فيه باعة الكتب عن اسرار بين مبيعاتهم قبل وبعد سقوط النظام.
الدكتور عبد جاسم الساعدي الامين العام لجمعية الثقافية للجميع ورئيس تحرير مجلسة السؤال قال: “ان الوضع الثقافي في العراق لم يعد بالمستوى المطلوب فانه يواجه تحديات كبيرة ويواجه خمول عام وهذه احد المضاعفات التي يواجهها الاديب او المثقف وبعضهم لديهم موثر سلبي الى حد كبير فهم يبحثون عن المال والمنافع الشخصية، مشيرا الى ان العراق يواجه ازمة يفتقر بها الى الثقافة النقدية”.
واضاف المثقفون العراقيون بشكل عام يغردون خارج السرب من دون استراتيجية فاعلة حيوية انهم يكتفون بما يقدمونه من انجازات في الفن والابداع لكنهم لا يتمتعون بثقافة النقد ولا بعضوية الانتماء، نحتاج الى تفعيل المنظمات الثقافية والاشتغال لبناء ثقافة نقدية وتغيير المناهج وطرائق التدريس وخلق بيئة تربوية ومدرسية جديدة.
الاستاذ هادي جلو رئيس مرصد الحريات الصحفية من جانبه يقول: “ان اغلب النشاطات السياسية والثقافية هي بمثابة استعراض لا قيمة له، وشارع المتنبي سوق لبيع الكتب والتجارة والذين يحضرون الى المتنبي يوم الجمع همهم الترويح عن النفس ولقاء الاصدقاء وان 99% (تافهون) على المستوى الثقافي والسياسي وتجمعهم يذكرني بتسعينات القرن الماضي عندما كان الشعراء يتفقون مع اصدقائهم النقاد فبعد ان ينشر الشاعر قصيدته في (القادسية) يقوم صديقه الناقد بالاتفاق بنشر دراسة تحليلية للقصيدة التافه ثم يجلسان في اليوم الثاني في كازينو (حسن عجمي) يتبادلان اللعب بالديمينو وشرب الشاي ويضحكان على القصيدة والتحليل”.
واستدرك جلو قائلا: “لكن هذا لا يلغي ان هناك امل في تفعيل الثقافة.. فما دام هناك حراك هناك امل وثقافة ولو على المستوى البعيد”.
يشاطره الراي الصحفي ابو فراس الحمداني بقوله: ان شارع المتنبي اصبح ساحة للتباهي فما دام هناك صور للفيس بوك وفضائيات وصحف سوف تنشر من كان موجودا، فهناك رواد ياتون من اجل هذه الاشياء وهم يتباهون ويتبخترون ورسالتهم تقول هئنذا موجود بين المثقفين واشتري الكتب واظهر في الفضائيات.
لكن الاستاذ خالد العزاوي وهو رئيس تحرير مجلة المنتدى الادبي ومن الرواد في بيع الكتب قارن وبالارقام بين حقبتين من الزمن بقوله: “قبل عام 2003 قبل سقوط النظام كان للكتب اهمية كبيرة في حياه المثقف والشاب وكان شرائها ياتينا في قوائم متسلسلة حيث كان في الاسبوع الواحد تباع سبع مكاتبات كاملة لكن في الوقت الحالي قل شراء الكتب او بالاحرى اصبح منحصرا على شراء كتب معينة منها العشائرية والطائفية والسحر والجنس والابراج وتفسير الاحلام، وان احد الاسباب التي ادت الى اهمال الكتب وعدم شراءها بشكل كبير هي هجرة بعض عمالقة الادب والثقافة الى خارج العراق بسبب الاوضاع الامنية التي اثرت تاثيرا سلبيا على القارئ”.
فيما المحت الشاعرة والصحفية حذام يوسف وهي تدافع عن ظاهرة تجمعات المتنبي بقولها: “ان شارع المتنبي يتدفق عليه الشباب بصورة كبيرة وهي احيانا من باب الفضول وحب الاستطلاع لان بعضهم لديهم تصور وطابع سيئ وخاطىء على شارع المتنبي ودفعهم فضولهم لزيارة شارع المتنبي لمعرفة هذا الاساءة التي تبينت انها خطا ويوجد ايضا بعض المتثقفين لكن ظهوره اقتصر على (الهنبلة) فقط للاسف”.
الى ذلك قال محمد الجاسم وهو احد الشباب المصورين في شارع المتنبي: “ان بعض الشباب الذين يزورون شارع المتنبي هم فقط للظهور والتصوير ويترددون لاسبوع او اثنان على الاقل بعد ان يصبح لديهم ملل وتكرار لهذه الحالة، فيما توقع ان شارع المتنبي سيعود بعد 4 او 5 سنوات كما كان في السابق شارع المثقفين والادباء المتثقفين وليس للضهور والهنبلة فقط، مشيرا الى ان اكثر الكتب مبيعا هي كتب الطبخ وتفسير الاحلام وهذا دليل على اننا امة للاسف (تاكل وتنام).
وفيما اختلف المثقفون على توصيف رواد الثقافة والمثقفين، اجمع اصحاب المصالح والكسبة والمطاعم الذين يتواجدون في شارع المتنبي انهم في ايام الجمع بالذات فان ارزاقهم تكاد تكون كبيرة وان مبيعاتهم تفوق الايام العادية على الاطلاق وتمنوا ان لا تقتصر تجمعات يوم الجمعة على يوم الجمعة بل تمتد لجميع ايام الاسبوع.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here