هواجس أفول نجم الارهاب الطائفي

0
1056

محمد علي جواد تقي

طالما اعتاشت دول على الارهاب الطائفي، فجاءت اسهاماتها في تشكيل الجماعات المسلحة، أو في تغذيتها بالرجال والمال والعتاد، أو حتى فتح ممرات عبور عبر الحدود الى حيث تقوم هذه الجماعات بعملياتها القذرة والدموية، وربما لا تسمع هذه الدول بأعداد الضحايا من الابرياء الذين يسقطون جراء وحشية تلكم الجماعات، لأنها بخروج الارهابيين والمتطرفين خارج حدودها، تكون قد ضمنت لشعوبها واقتصادها، الامن والاستقرار، واكثر من ذلك، فانها تكون قد تخلصت من عدد لا بأس به من اصحاب العقول المتحجرة التي تدعي تمثيل الدين والتديّن. لتطبق ما يجول في عقولها من خيال وأوهام في مناطق أخرى، وهذا ما لاحظناه بكثير من الأسف في عراق ما بعد صدام، ثم تكررت التجربة بشكل عجيب في سوريا.

هذا النهج الطائفي – التحريضي الذي توزع على الدول الثلاث: السعودية في تقديم المال والرجال، وقطر في الإعلام (الجزيري)، وتركيا في الدعم اللوجستي، واكب مخططاً دولياً – صهيونياً للمنطقة، بأن تتجه دول مثل العراق وسوريا والبحرين على وجه التحديد، في صراع مرير من أجل البقاء، وليس العيش، ثم البحث عن فرص التقدم والتطور، وهي المعادلة التي تمضي عليها الشعوب الناجحة والبعيدة عن ساحات الصراع الدموية، كالتي نعيشها في هذه المنطقة المنكوبة. ولذا نلاحظ حرصاً بالغاً من لدن الجماعات الارهابية على إيقاع اكبر عدد ممكن من الضحايا في عمليات التفجير، سواء بالسيارات المفخخة أو بالأحزمة الناسفة أو العبوات وغيرها، وبعد العراق، تم تحقيق هذا الأمر في سوريا، حيث وجدنا كيف أن الجماعات المسلحة تتحصن في المناطق السكنية، وجعلها دروعاً بشرية، مما ألحق خسائر فادحة في الارواح بين المدنيين خلال المواجهات مع الجيش السوري، وبالنتيجة الحصول على مشاهد مريعة يتهمون بها النظام السوري بالمسؤولية عن مقتل هؤلاء، كما يفعلون الشيء نفسه مع حكومة بغداد، حيث ما يزالون يحملون الورقة الرابحة، ويصورون أن هذه الحكومة عاجزة عن تحقيق الامن للشعب العراقي.

أما في البحرين؛ فان قمع الاحتجاجات المطلبية جاء بسلاح طائفي، قبل السلاح الناري، فقد أطلقت وسائل الاعلام المملوكة قطرياً وسعودياً، النار على التظاهرات السلمية والمطلبية في البحرين، واصفةً إياها بـ “الطائفية”. وأنها لا تستحق الدعم والمساندة، الى جانب هذا كان هنالك الصمت المريب من دول اسلامية ومؤسسات

دينية وثقافية في العالم الاسلامي، وهذا ما يفسر ممارسة القمع الوحشي وبشكل علني – سافر من سلطات المنامة، ثم التدخل العسكري السعودي لمساعدة نظام حكم المنامة على مواجهة التحدي الجديد.

وحسب مصادر مطلعة، فان السعوديين لم يدخلوا عسكرياً الى البحرين، إنما دخلوا طائفياً وبقوة لمواجهة المد الشيعي المتصاعد، وقمع أي مطالبة بتغيير النظام الحاكم في المنامة، وتحويله الى نظام ربما يشبه النظام الحاكم في العراق. فقد ذكر أحد علماء الدين المفرج عنهم في البحرين، إنه تعرض لأسئلة طائفية بحتة خلال الاستجواب، اختلفت تماماً عن التحقيق الذي جربه قبل سنوات والتي اقتصرت على الجانب السياسي.

المعطيات السياسية الاخيرة تؤشر تراجع دور رعاة الارهاب الطائفي في المنطقة، ويمكن ملاحظة ذلك على مستويين: المستوى الداخلي، بين الجماعات الارهابية نفسها، وعلى المستوى الدولي من خلال التغيير المعلن في السياسة الامريكية اتجاه المنطقة.

على الصعيد الميداني، بات من الواضح التورط السعودي في مستنقع الارهاب الطائفي في سوريا، و راجت اخبار الاقتتال الداخلي بين الفصائل المسلحة التي تدعي معارضة النظام السوري أنها البديل المفضّل لها. فقد تشكلت جبهة نزاع واضحة المعالم بين الجماعات السلفية والمتطرفة دينياً، وبين ما يسمى بالجيش السوري الحر، الذي يعد الذراع العسكري “للائتلاف السوري المعارض” والمقيم في تركيا.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here